والمتأخّرين ، وهو الّذي اختاره سيدنا المرتضى (١) قدس الله روحه ، وإليه كان يذهب شيخنا أبو عبد الله رحمهالله : «أنّ الحقّ واحد (٢) وأنّ عليه دليلا ، من خالفه كان مخطئا فاسقا».
واعلم أنّ الأصل في هذه المسألة القول بالقياس والعمل بأخبار الآحاد ، لأنّ ما طريقه التّواتر وظواهر القرآن ، فلا خلاف بين أهل العلم أنّ الحقّ فيما هو معلوم من ذلك ، وإنّما اختلف القائلون بهذين الأصلين فيما ذكرناه ، وقد دللنا على بطلان العمل بالقياس (٣) ، وخبر الواحد الّذي يختصّ المخالف بروايته (٤).
وإذا ثبت ذلك ، دلّ على أنّ الحقّ في الجهة الّتي فيها الطّائفة المحقّة.
وأمّا على ما اخترته من القول في الأخبار المختلفة المرويّة من جهة الخاصّة ، فلا ينقض ذلك لأنّ غرضنا في هذا المكان أن نبيّن أنّ الحقّ في الجهة الّتي فيها الطّائفة المحقّة دون الجهة الّتي خالفها ، وإن كان حكم ما تختصّ به الطّائفة والاختلاف الّتي بينها الحكم الّذي مضى الكلام عليه في باب الكلام في الأخبار ، فلا تنافي بين القولين.
وهذه الجملة كافية في هذا الباب ، وإنّما لم نتتبّع كلام المخالف وطرقهم الّتي يستدلّون بها على صحّة ذلك ، لأنّ فيما مضى من الكلام في إبطال القياس كلاما عليه ، وأكثر شبههم داخلة فيها ، فلا معنى للإعادة في هذا الباب.
__________________
(١) المرتضى رحمهالله.
(٢) في واحد.
(٣) انظر استدلال المصنّف في مبحث القياس في هذا الكتاب.
(٤) انظر : استدلال المصنّف في مبحث (خبر الواحد وأحكامه) صفحة ٩٧.