ظاهر في الدّلالة عليه ، وسنبيّن بمشيّة الله مثل ذلك في تعلّقهم بالرّأي
وإضافة الأحكام إليه ، وأنّه لا ظاهر له في الدّلالة على القياس ، فضلا عن أن
يحتمل التأويل ، فلا وجه لتأويلهم ما رويناه من الأخبار ، لا سيّما وجميعها له
ظاهر في نفي القياس لا بدّ لهم من العدول عنه ، إذا صحّ تأويلهم ، فكيف يعدل عمّا
له ظاهر في الدّلالة على أمر لأجل ما لا ظاهر له؟
ولو تساوى
الأمران في الظّاهر أيضا ، لم يكن لهم أن يحملوا أخبارنا على التّأويلات الّتي
ذكروها لتسلم دلالة ما تعلّقوا به على القياس ، ولو كانوا بذلك أولى منّا إذا
تأوّلنا ما رووه وحملنا على أنّ القول فيه إنّما كان بالنّصوص وأدلّتها ليسلم
دلالة ما رويناه على نفي القياس.
وما لا يزالون
يتعلّقون به في ذلك من قولهم : إنّ المنكرين لذلك هم المستعملون له ، فلا بدّ من
حمل النّكير على ما يوافق ما ظهر عنهم من استعمال القياس.
فتعلل بالباطل ، وذلك أنّا لا نعلم أنّهم استعملوا القياس
ضرورة ، أو من وجه لا يسوغ فيه التّأويل ولا يدخله الاحتمال ، وإنّما ادّعي ذلك
عليهم ، وتعلّق مدّعيه بما لا ظاهر له ولا شهادة فيه بالقول بالقياس ، وأحسن
أحواله أن يكون محتملا ، فكيف يصحّ ما ذكروه؟
وهذه الجملة [التي]
ذكرناها تسقط قولهم إنّ الرّأي الّذي أبوه هو الّذي يصدر عن الهوى ، والّذي يستعمل
في غير موضعه ، وأنّ أمير المؤمنين عليهالسلام إنّما نفى أن يكون جميع الدّين يؤخذ قياسا ، وكذلك أبو بكر إنّما استكبر استعماله الرّأي في كتاب
الله على وجه لا يسوغ فيه ، إلى غير ذلك ممّا يقولونه ويفزعون إليه ، لأنّ كلّ
ذلك منهم عدول عن الظّاهر ، وتخصيص لإطلاقه ، وتأوّل لا يجب المصير إليه إلّا بعد
__________________