عنهم من ذلك ما في بعضه كفاية ، وإبطال لقول من يدّعي خلافه.
ولنا أيضا :
إذا سلّمنا أنّهم قالوا في تلك المسائل بالقياس ، وتجاوزنا عن الخلاف في ارتفاع
النّكير ، وفرضنا أنّه لم يكن أن نقول ارتفاع النّكير لا يدلّ في كلّ موضع على
الرّضا والتّسليم ، وإنّما يدلّ على ذلك إذا علمنا أنّه لا وجه لارتفاعه إلّا
الرّضا ، فأمّا مع تجويز كونه للرّضا ولغيره فلا دلالة فيه.
غير أنّ هذه
الطّريقة توحش من خالفنا في هذه المسألة لأنّها تطرق عليهم فساد أصول هي أهمّ
إليهم من الكلام فيها ، وينبغي أن يتجاوز عن هذا الكلام في هذا المعنى ويقتصر على
الوجهين اللّذين قدّمناهما ، لأنّ الكلام في هذا الوجه له موضوع غير هذا هو أليق
به ، وقد ذكرناه في كتاب «الإمامة» مستوفى.
فيقال
لهم : لم زعمتم
أنّ القول في المسائل الّتي عدّدتموها إنّما كان بالقياس؟
فلم نجدكم
اقتصرتم إلّا على الدّعوى المجرّدة من برهان ، ولم إذا اختلفوا وتباينت أقوالهم
وجب أن تستند تلك المذاهب إلى القياس ، وأنتم تعلمون أنّ الاختلاف في المذاهب
المستندة إلى النّصوص ممكن كإمكانه في المستندة إلى القياس؟
ولم أنكرتم أن
يكون كلّ واحد منهم إنّما ذهب إلى ما حكي عنه لتمسّكه بدليل نصّ اعتقد أنه دالّ
على ما ذهب إليه؟
فإن
قالوا : لو كانوا
قالوا بذلك للنّصوص ، لوجب أن تنقل تلك النّصوص وتشتهر لأنّ الدّواعي تقوى إلى
نقلها والاحتجاج بها! قلنا : أوّل ما نقوله إنّا لم نلزمكم أن يكونوا اعتمدوا في
هذه المسائل نصوصا صريحة استدلّوا بها على المذاهب الّتي اعتقدوها ، بل ألزمناكم
أن يكونوا اعتمدوا
__________________