والمعتزلة ، من أهل البيت عليهمالسلام وقال مع ذلك بالقياس ، لأنّ هؤلاء لا اعتبار بمثلهم ، لأنّ من خالف في الأصول الخلاف الّذي يوجب التكفير أو التّفسيق لا يدخل قوله في جملة من يعتبر إجماعهم ويجعله حجّة.
لأنّا قد بيّنا أنّ كلّ من علمنا أنّه ليس بإمام ، فإنّا لا نعتدّ بخلافه ونرجع إلى الفرقة الأخرى الّتي نعلم كون الإمام في جملتهم.
على أنّا كما نعلم من مذهب أبي حنيفة ، والشّافعي القياس ، كذلك نعلم أنّ من مذهب أبي جعفر الباقر ، وأبي عبد الله الصّادق عليهماالسلام نفي القياس ، وتظاهر الأخبار عنهما بالمنع (١) منه ، والمناظرة للمخالفين فيه ، كتظاهرها عمّن ذهب إليه في خلاف ذلك.
وليس يدفع عنهما هذا إلّا من استحسن المكابرة ، وقد علمنا أنّ قولهما حجّة وقول كلّ واحد منهما ، لأنّهما الإمامان المعصومان ، ولا يجوز عليهما الخطأ في الفعل والاعتقاد.
وقد اعتمد من نصر هذه الطّريقة الّتي ذكرناها على آيات ليس فيها ما يدلّ على ذلك ممّا يمكن الاعتماد عليه ، وعلى جميعها اعتراض.
فمن ذلك تعلّقهم بقوله تعالى : (لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللهِ وَرَسُولِهِ)(٢) وأنّ القياس تقدّم بين يدي الله ورسوله.
وهذا غير معتمد ، لأنّ للمخالف أن يقول : إذا دلّنا الله تعالى على صحّة القياس ، لم يكن استعماله تقدّما بين يدي الله ولا بين يدي رسوله ، وصار ذلك بمنزلة ما نصّ عليه ، وإنّما يكون تقدّما بين أيديهما لو قيل به من غير دلالة ولا استناد إلى علم.
وتعلّقوا أيضا بقوله تعالى : (وَلا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ)(٣) ، وبقوله : (وَأَنْ
__________________
(١) انظر : «الكافي ١ : ٥٦ ، ٥٧ و ٤ : ٢٣٤ و ٧ : ٢٦ ، ٣٢١ ، ٣٢٢ ، ٣٢٣ ، التهذيب ٥ : ٣٦٠ و ٨ : ٢٣٣ و ٩ : ٢١٧ ، الاستبصار ٢ : ٢٠٦ و ٤ : ٨ ، من لا يحضره الفقيه ٢ : ٢٦٠ و ٤ : ٢٧٦»
(٢) الحجرات : ١.
(٣) الإسراء : ٣٦.