ذلك على أفعاله ، فلو لا أنّ البيان واقع بها وإلّا لم يجز أن يحيلهم عليها.
وقد يبيّن الفعل بالفعل ، كما يبيّن به القول ، نحو أن يقنت النبيّ عليهالسلام في الفجر وغيره من الصّلوات (١) ، ثمّ نراه يتركه في تلك الصلاة ، فيعلم بذلك أنّه لم يكن واجبا ، لأنّه لو كان واجبا لما تركه على حال ، ونحو جلسته إلى الرّكعة الثّانية تارة وتركه لها أخرى (٢) ، فإنّ ذلك يدلّ على أنّها لم تكن واجبة.
وقد يدلّ تركه للشّيء على حالة له أخرى ، نحو أن يترك الصّلاة في وقت مخصوص ، فإنّ ذلك يدلّ على أنّها ليست بواجبة ، فإن كان قد تقدّم دليل يدلّ على وجوبها في ذلك الوقت ، فإنّ تركه لها في ذلك الوقت يدلّ على أنّها قد نسخت أو خصّت.
ومتى حدثت حادثة ولم يبيّن الحكم فيها ، فإنّ ذلك يدلّ على أنّها باقية على حكم العقل ، لأنّه لو كان لها حكم شرعيّ لبيّنه أو نبّه عليه ، فإذا (٣) ترك النكير على من أقدم بحضرته على فعل ولم يتقدّم منه بيان لقبحه ، دلّ على أنّه ليس بقبيح.
فعلى هذه الوجوه تعتبر أفعاله صلىاللهعليهوآلهوسلم لا بأعيان المسائل.
ومتى حصل قول وفعل يمكن أن يكون كلّ واحد منهما بيانا للمجمل وجب العمل بالقول ، لأنّه إنّما نلتجئ إلى الفعل ونجعله بيانا للمجمل عند الضّرورة ، فأمّا مع وجود البيان بالقول فلا حاجة بنا إلى ذلك.
والبيان من حقّه أن يكون في حقّ المبيّن ، فإن كان المبيّن واجبا كان بيانه واجبا ، وإن كان ندبا كان بيانه ندبا ، وإن كان مباحا كان بيانه مباحا ، ولأجل ذلك نقول :
إنّ أفعاله صلىاللهعليهوآلهوسلم إذا كانت بيانا لجملة واجبة كانت واجبة ، وإذا كانت بيانا لجملة مندوب إليها كانت كذلك.
__________________
(١) سنن الترمذي : باب ٢٩٤ و ٢٩٥ من أبواب الصلاة.
(٢) سنن الترمذي : باب ٢١٣ و ٢١٤ من أبواب الصّلاة.
(٣) وإذا.