متعبّدا بشريعة موسى أو عيسى عليهماالسلام ، لأنّ شريعة من قبلهما مندرسة ، وهي مع ذلك منسوخة بشريعتها.
فإن قالوا : كان (١) متعبّدا بشريعة موسى عليهالسلام.
فإنّ ذلك فاسد من حيث كانت شريعته منسوخة بشريعة عيسى عليهالسلام.
وإن قالوا : كان متعبّدا بشريعة عيسى عليهالسلام كان فاسدا (٢) من وجهين :
أحدهما : أنّ شريعته قد انقطعت واندرس نقلها ولم تتّصل كاتّصال نقل المعجزة الّتي تقتضي ما هي عليه نقلها ، وإذا لم يتّصل لم يصحّ أن تعلم ، وفي ذلك إخراج له من أن يكون متعبّدا بها.
والثّاني : إنّ القول بذلك يبطل ما يعتمدون عليه من رجوعه عليهالسلام إلى التّوراة في رجم اليهوديّين (٣) ، لأنّه كان يجب أن يرجع إلى الإنجيل دونها.
ويدلّ على صحّة ما قلناه : أنّ الّذي يخالف في ذلك لا يخلو قوله من أنّه تعبّد بشريعة موسى عليهالسلام بأن دعاه موسى عليهالسلام إلى شريعته ما لم ينسخ والحجّة قائمة عليه بذلك ، أو يقول إنّه تعبّد بشريعة موسى عليهالسلام بأن امر بالتّمسّك بها أمرا مبتدأ ، وإن كان يحتاج أن يرجع إليهم في تعرّف ما يتمسّك به من شريعته ، أو يقول إنّه تعبّد بشريعته بأن أمر بأشياء قد كانت شريعة له وإنّ علمها هو من جهة الله تعالى.
فإن ذهبوا إلى ما قلنا أوّلا ، فليس يخلو من أن يقول : أنّه عليهالسلام كان يمكنه أن يعرف شريعتهم من غير جهة الله تعالى ، بل بالرّجوع إليهم في تعرّف ذلك ، أو يقول ما كان يصحّ له ذلك وإنّما كان يعرف ذلك من قبل الله تعالى.
فإن قالوا بالأوّل : فهو خلاف في المعنى ، والّذي يبطل قوله أشياء :
__________________
(١) زيادة من النسخة الثّانية.
(٢) فسد ذلك.
(٣) المعتمد ٢ : ٣٤١ ، الذريعة ٢ : ٦٠٣ ، الأحكام للآمدي ٤ : ٣٨٠.