وذهب الباقون إلى أنّها ليست على الوجوب ، واختلفوا :
فقال بعضهم : إنّها على الإباحة.
وقال بعضهم : إنّها على النّدب.
وقال بعضهم : إنّها موقوفة على الدّليل.
وذهب المتكلّمون ، وأبو الحسن الكرخي إلى أنّ أفعاله عليهالسلام على أقسام.
فمنها : ما يكون بيانا لمجمل ، فذلك في حكم المبيّن ، إن كان واجبا فعلى الوجوب ، وإن كان ندبا فعلى النّدب ، وإن كان مباحا فعلى الإباحة.
ومنها : ما يكون امتثالا للخطاب ، وذلك لا مدخل له في هذا الباب ، لأنّ الخطاب إذا كان يتناوله ويتناولنا على العموم فعلينا امتثاله كما عليه ذلك.
ومنها : ما يكون فاعلا له على ما يقتضيه العقل ، أو يفعله لمصالح الدّنيا ، وذلك أيضا لا مدخل له في هذا الباب.
ومنها : ما يفعله من الشّرعيّات ، فهذا يجب أن يعلم الوجه الّذي عليه وقع فعله عليهالسلام فيتّبع فيه بأن يفعل على ذلك الوجه ، ولا يصحّ أن يقال في جملتها إنّها على الوجوب ، أو على النّدب ، أو على الإباحة (١).
والّذي يدلّ على ذلك : إنّا قد بيّنا أنّ ذلك لا يجب من جهة العقل في الفصل الأوّل (٢) ، وأدلّة السّمع خالية من ذلك ، فينبغي أن ينتفي كونها على الوجوب.
__________________
٥ ـ التفصيل : وهو إن ظهر قصد القربة فمندوب وإلّا فمباح ، وهو مذهب الغزالي.
٦ ـ الحظر.
انظر : «التبصرة : ٢٤٢ ، المستصفى ٢ : ٤٩ ، نهاية السئول ٢ : ١٧٢ ، الأحكام للآمدي ١ : ١٤٩ ، المنخول ٢٢٥ ، المعتمد ١ : ٣٤٧ ، الذريعة ٢ : ٥٧٨ ، اللّمع : ٦٧ ، إرشاد الفحول : ٥٨ ، شرح المنهاج ٢ : ٥٠١ ، الأحكام لابن حزم ٤ : ٤٤٧ ، تقريب الوصول : ١١٣ ، ميزان الأصول ٢ : ٦٧٣ ، شرح اللّمع ١ : ٥٤٦».
(١) راجع المصادر الواردة في ذيل التّعليقة السابقة.
(٢) انظر بيان المصنّف في صفحة ٥٦٩.