على ذلك أيضا ـ ونحو ما روي عن أمّ سلمة أنّها سألت عن القبلة للصّائم فأجابت : «أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم كان يفعل ذلك» (١) ، فرجع السّائل إليه وقال : إنّ الله غفر لنبيّه صلىاللهعليهوآلهوسلم ما تقدّم من ذنبه وما تأخّر وليس سبيله سبيل غيره ، فأخبرت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بذلك ، فأنكر ذلك وقال : «إنّي لأرجو أن أكون أخشاكم لله» (٢) ، يدلّ على ذلك أيضا.
واعلم أنّ التأسّي به إنّما يكون فيما يعلم حكمه بفعله ، فأمّا إذا كان قوله بيانا ، أو كان تنفيذا ، أو امتثالا لقول متقدّم فإنه يفعل ذلك ، لأنّ القول قد دلّ على وجوبه ، لا لأنّه عليهالسلام فعله.
ولا معنى لقول من قال : لنا أنّ نتأسّى به في ذلك ، كما أنّا لا نقول : إنّا نتأسّى به في العقليّات ، لأنّ ما له يفعل ذلك ، وبالطّريق الّذي عرف به عليهالسلام وجوب الفعل ، به نعرف وجوبه ، فحاله كحالنا في ذلك.
__________________
(١) صحيح البخاري : كتاب الصّوم ـ باب ٢٣ حديث رقم ٣٧.
(٢) صحيح مسلم ٢ : كتاب الصيام ، باب ١٢ ، ح رقم ٧٤ ولفظه : «أما والله! إنّي لأتقاكم لله ، وأخشاكم له».