إلى بطلان ما تعلّقت الصّحابة ومن بعدهم به ، ألا ترى أنّ أمير المؤمنين عليهالسلام تعلّق بقوله : (وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ)(١) في تحريم الجمع بين المملوكتين ، وكذلك تعلّق بقوله : (أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ)(٢) ، ومن ثمّ قال : «أحلّتهما آية وحرّمتهما أخرى» (٣) ، وكذلك حكي عن عثمان (٤).
وتعلّق ابن عبّاس بقوله : (وَأُمَّهاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَواتُكُمْ مِنَ الرَّضاعَةِ)(٥) حتّى ردّ خبر ابن الزّبير (٦) لأجله وقال : «إنّ قضاء الله أولى من قضاء ابن الزّبير» (٧) وغير ذلك ممّا لا يحصى كثرة.
وإن كان جميع ذلك يحتاج إلى بيان أوصاف لا ينبئ الظّاهر عنها ، وقد جعل مجازا بدخول التّخصيص فيه ، فعلم بذلك أنّ صحّة التّعلّق بألفاظ العموم صحيح وإن كان مخصوصا.
__________________
(١) النساء : ٢٣.
(٢) النساء : ٣.
(٣) انظر : «المعتمد ١ : ٢٦٨ ـ ١٦٧ ، الجامع لأحكام القرآن ٥ : ١١٧ ، التّهذيب ٧ : ٢٨٩ ح ١٢٥١ ، وعلّق الشّيخ الطوسي عليه بقوله : «أحلّتهما آية يعني آية الملك دون الوطء ، وقوله عليهالسلام وحرّمتهما آية أخرى يعني في الوطء دون الملك ، ولا تنافي بين الآيتين ولا بين القولين».
(٤) انظر : «المعتمد ١ : ٢٦٨ ، الجامع لأحكام القرآن ٥ : ١١٧ ، المحلّى ٩ : ٥٢٢».
(٥) النساء : ٢٣.
(٦) روى الترمذي في سننه بسنده عن عبد الله بن الزبير : [(عن عائشة) أو (عن النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أو (عن الزبير)] أنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : «لا تحرّم المصّة ولا المصّتان». سنن الترمذي باب ٣ كتاب الرّضاع ، ح ١١٥٠ ، وأخرجه أيضا مسلم في باب ١٧ كتاب الرّضاع ، ح ١١٧ ، وأبو داود في سننه : باب ١٠ ، كتاب النّكاح ، ح ٢.
قال القرطبي في تفسيره (٥ : ١١١) : «وذكر الطحاوي أنّ حديث الإملاجة والإملاجتين لا يثبت لأنّه مرّة يرويه ابن الزّبير عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ومرة يرويه عن عائشة ومرّة يرويه عن أبيه ، ومثل هذا الاضطراب يسقطه».
(٧) المعتمد ١ : ٢٦٩.