ويقول : كلّ عام خصّ وأمكن تنفيذ الحكم من غير شرط ووصف فيما عدا ما خصّ منه ، جرى في صحّة التّعلّق به مجرى العموم إذا اتّصل به الاستثناء.
قال : الظّاهر من كتب أبي عليّ وأبي هاشم جميعا صحّة التّعليق بعموم قوله :
(وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ)(١) وما شاكله ، وقد صرّحا بأنّ التّخصيص وإن أحوج إلى شروط لا ينبئ الظّاهر عنها ، أنّه لا يمتنع من التّعلّق بالظّاهر ، وعلى ذلك بيّنا الكلام في الوعيد لأنّهما استدلا به ، وإن كان العاصي الّذي تعلّق الوعيد به يحتاج إلى شروط عندهما» (٢).
هذه الألفاظ بعينها حكيناها عنه على ما ذكره في كتابه «العمد» (٣).
والّذي أذهب إليه : أنّ العموم إذا خصّ صحّ التّعلّق بظاهره ، سواء خصّ بالاستثناء أو بكلام متّصل ، أو منفصل ، أو دليل وعلى كلّ حال ، إلّا أنّه يحتاج أن ينظر في ألفاظ العموم الّذي يتعلّق الحكم بها ، فإن كانت متى استعملناها على ظاهرها وعمومها نفّذنا الحكم فيما أريد منّا وفيما لم يرد ، يحتاج إلى أن يبيّن لنا ما لم يرد منّا لنخصّه من جملة ما تناوله اللّفظ ، فأمّا ما أريد منّا فقد علمنا بالظّاهر وذلك نحو قوله : (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ)(٤) ، و (فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ)(٥) وما يجري مجرى ذلك ، لأنّا لو خلّينا وظاهر ذلك لقطعنا من يستحقّ القطع ومن لا يستحقّ القطع إذا كان سارقا ، لكن لمّا كان في جملة السّراق من لا يجب قطعه وهو من لا يكون عاقلا ويسرق من غير حرز ، أو سرق ما دون النّصاب ، أو كانت هناك شبهة وغير ذلك من الصّفات والشّروط المراعاة في ذلك ، احتاج أن يبيّن لنا من لا يجب قطعه ، فإذا بيّن ذلك بقي الباقي على عمومه وشموله ، وعلمنا حينئذ أنّه يستحقّ القطع. وكذلك قوله : (فَاقْتُلُوا
__________________
(١) المائدة : ٣٨.
(٢) انظر : «المعتمد ١ : ٢٦٦ ـ ٢٦٥».
(٣) انظر التعليقة رقم (٢) صفحة ٥٠١
(٤) المائدة : ٣٨.
(٥) التوبة : ٥.