فصل ـ [٧]
«في أنّ النّقصان من النّص هل هو نسخ أم لا؟ والخلاف فيه» (١)
حكى أبو عبد الله البصريّ عن أبي الحسن الكرخيّ أنّه كان يقول : إنّ العبادة إذا نسخ بعضها لا يكون ذلك نسخا لجميعها ، ويجري ذلك مجرى العموم إذا خصّ أو
__________________
(١) لا خلاف أنّ النقصان من العبادة يقتضي نسخ المنقوص ، وإنّما الكلام في أنّه هل يقتضي النقصان نسخ المنقوص منه أم لا؟ ويمكن حصر المذاهب والأقوال في هذه المسألة كالآتي :
١ ـ إذا نسخ بعض العبادة لم يكن ذلك نسخا للباقي : وهذا مذهب الكرخي ، وأبي عبد الله البصري ، وهو منسوب لجمهور أصحاب الشافعي ولغيرهم كالآمدي ، والرازي ، وأبي إسحاق الشيرازي ، وأبي الحسين البصري ، وهو مختار الحنابلة.
٢ ـ إذا نسخ بعض العبادة نسخ جميعها : وهذا مذهب أبي حامد الغزالي ، والحنفيّة.
٣ ـ التفصيل بين كون النّسخ نسخا لبعض الجملة كالقبلة والركوع ، أو نسخا لشيء منفصل عن العبادة كالطّهارة ، وبعبارة أخرى التفصيل بين كون المنقوص ركنا أو شرطا ، فنسخ في الأول دون الثّاني : وهذا مذهب القاضي عبد الجبّار ، والقرطبي ، ونسبه الشوكاني للغزالي.
٤ ـ التفصيل بين ما إذا كانت للعبادة المنقوصة فيها حكم شرعي بعد النقصان فلا نسخ ، وأمّا إذا كان ما بقي بعده العبادة متى فعل لم يكن له حكم في الشّريعة ولم يجر مجرى فعله قبل النقصان ، عدّ هذا النقصان نسخا له : وهذا مذهب الشّريف المرتضى ، وتبعه المصنّف.
انظر : «الرسالة للشّافعي ١٢١ : ٣٥٩ و ٢٢٠ : ٦٠١ ، التبصرة : ٢٨١ ، المستصفى ١ : ٧٥ ، الذريعة ١ : ٤٥٢ ، ميزان الأصول ٢ : ١٠١٦ ، الأحكام للآمدي ٣ : ١٦٠ ، اللّمع : ٦٢ ، شرح اللّمع ١ : ٥٢٤ ، المعتمد ١ : ٤١٤ ، روضة النّاظر : ٧٥ ، إرشاد الفحول : ٢٩٢».