وإن لم يكن من جنسه.
وقال قوم : إنّه أمر بالذّبح على الحقيقة ، وإنّه كان يذبح ، ثمّ كان يلتحم ما ذبح إذا تجاوز موضع الذّبح ، فإذا قد فعل ما امر به ، ولم يسقط عنه.
وهذا قريب ، والأوّل أقوى (١).
فأمّا من قال : أنّه جعل صفحة عنقه نحاسا فامتنع الذّبح عليه! فلا يصحّ ، لأنّه يقتضي الأمر بما يمنع منه ، وذلك قبيح لا يجوز على الله تعالى على ما قدّمنا القول فيه.
والجواب عمّا تعلّقوا به ثالثا من الخبر : فأوّل ما فيه أنّه خبر واحد لا يجوز أن يتعلّق بمثله فيما طريقه العلم به ، على أنّه فاسد من وجوه :
منها : أنّه يوجب نسخ الشّيء قبل أن يعلم المكلّف أنّه مأمور به ، لأنّ في الحديث أنّه نسخ عنهم ذلك تلك اللّيلة.
ومنها : أنّه يوجب نسخ شيء عنهم من حيث أشار به موسى عليهالسلام ، وسأل محمّدا عليه وآله السّلام أن يخفّف عن أمّته ، والتّكليف لا يتعلّق باختيار الأنبياء ، ولا يؤثّر فيه مسألتهم التّخفيف فيه.
ومنها : أنّ في الخبر من التّشبيه ما يقتضي أنّه موضوع لا أصل له ، وإن كان فيه ما لا يمتنع أن يكون صدقا.
والجواب عمّا تعلّقوا به رابعا من أنّه نسخ وجوب ردّ النّساء على المشركين قبل فعله ، فهو : أنّه عليهالسلام لم يكن شرط لهم أن يردّ عليهم النّساء أبدا ولا إلى وقت بعينه فنسخ قبل ذلك ، بل أطلق ذلك إطلاقا ، ولا يمتنع أن تكون المصلحة اقتضت إمضاء ذلك إلى الوقت الّذي نسخه ، ولو كان قبل ذلك لم ينسخ ، ولو هاجرت امرأة قبل ذلك لكان يردّها عليهم ، وهذا لا ينافي ما قدّمناه.
__________________
(١) انظر : تفسير التبيان ٨ : ٥١٨.