وظهور مقالة الجهمية (١) ، والنجارية (٢) ومن جرى مجراهم ، وفرق العقلاء من سامعي الأخبار بين زمان حدوث مقالاتهم وبين ما تقدمها.
وإذا صحت هذه الجملة التي ذكرناها في صفة الخبر الّذي لا بد أن يكون المخبر به صادقا من طريق الاستدلال» (٣) بنينا عليها صحة تلك المعجزات والنصوص على الأئمة عليهمالسلام على ما نذهب إليه ، وغير ذلك من أحكام الشريعة وغيرها.
فأما خبر الله تعالى فإنما يعلم صدقه إذا علم أولا أنه لا يلغز في إخباره ، ولا يريد بها غير ظاهرها ولا يدل عليه ، وأنه لا يجوز عليه الكذب ، ولا يعلم ذلك من حاله إلا من علم أنه عالم بقبح القبيح ، وغني عن فعله ، وأنه إذا كان كذلك لا يجوز أن يختار القبيح ، وقد بينا جملة من القول فيه.
وأما خبر الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم فإنه يعلم به (٤) صدقه ، لأن العلم المعجز قد دل على أنه رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ولا يجوز أن يرسل الله من يكذب فيما يؤديه عنه ، وقد أمرنا بتصديقه في كل أخباره ، فيجب أن يكون صدقا ، لأن تصديق الكذاب قبيح ، والله يتعالى عن ذلك ، فعلم عند ذلك أن أخباره عليهالسلام صدق.
والقول في أخبار الإمام عليهالسلام القائم مقامه كالقول في أخباره ، لأن الدليل الدال على وجوب عصمته أمننا من وقوع القبيح من جهته ، وفي ذلك أمان من أن
__________________
(١) هم أتباع أبو محرز جهم بن صفوان الراسبي. وتعد الجهمية من معارضي المعتزلة ، ولكنهما متفقان في القول بنفي الصفات عن ذات الله تعالى ، وبخلق القرآن. حاربت الجهمية الخلافة الأموية حيث قتل جهم عام ١٢٧ ه بمرو ، وقد بقيت للجهمية بقية إلى القرن الخامس الهجري.
(٢) أتباع الحسين بن محمد النجار (مات حدود عام ٢٣٠ ه) وأكثرهم من معتزلة الري ، ولكنهم يختلفون معهم في بعض المسائل ، وهم على أصناف برغم اتفاقهم في الأصول ، وهم ينقسمون إلى : برغوثية ، وزعفرانية ، ومستدركة.
(٣) نهاية الفقرة المنقولة عن كتاب (الذخيرة في علم الكلام) : ٣٥٥ ـ ٣٥١.
(٤) أي بالرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم.