بحال الجماعة ، وأن ذلك لا يتفق منها ، وأنها مخالفة للواحد والاثنين ضرورة (١) ، ولا يدخل على عاقل فيه شبهة ، ولهذا أجزنا أن يخبر واحد ممن حضر الجامع يوم الجمعة بأن الإمام تنكس على أم رأسه من المنبر كاذبا ، ولا نجوز أن يخبر عن مثل ذلك على سبيل الكذب جميع من حضر المسجد الجامع ، أو جماعة منهم كثيرة ، إلا لتواطؤ أو ما يقوم مقامه.
وقد شبه امتناع ما ذكرناه من الجماعات باستحالة اجتماع الجماعة الكثيرة على نظم شعر على صفة واحدة ، واجتماعهم على تصرف مخصوص ، وأكل شيء معين من غير سبب جامع.
وشبه أيضا بما علمناه من استحالة أن يخبر الواحد أو الجماعة من غير علم عن أمور كثيرة ، فيقع الخبر بالاتفاق صدقا.
وجواز إخبار الجماعة الكثيرة (٢) بالصدق من غير تواطؤ مفارق لإخبارها بالكذب من غير سبب جامع ، لأن الصدق يجري في العادة مجرى ما حصل فيه سبب جامع من تواطؤ ، أو ما يقوم مقامه ، وعلم المخبر بكون الخبر صدقا داع إليه وباعث عليه ، وليس كذلك الكذب ، لأن الكذب لا بد في اجتماع الجماعة عليه من أمر جامع لها (٣) ، ولم يستحل أن يخبروا بذلك وهم صادقون من غير تواطؤ.
وأما الطريق إلى العلم بفقد التواطؤ على الجماعة ، فربما كان كثرة الجماعات يستحيل معها التواطؤ عليها مراسلة أو مكاتبة ، وعلى كل وجه وسبب ، لأنا نعلم
__________________
(١) ضروري.
(٢) جماعة كثيرة.
(٣) وردت زيادة من (الذخيرة) أسقطها المصنف وهي قوله : [... ولهذا الّذي ذكرناه استحال أن يخبرنا الخلق العظيم عن حادثة جرت وهم كاذبون من غير سبب جامع لهم ، ولم يستحل ...].