وأما من قال : إنهم سبعون مثل عدد الذين أحضرهم موسى عليهالسلام عند الميقات ، لأنه إنما أحضرهم ليقوم بخبرهم حجة على غيرهم (١).
لا يصح أيضا ، لآخر الوجهين الذين دل ما (٢) في الشبهة الأولى أنه (٣) لا يمتنع (٤) أن يكون من دونهم بمنزلتهم ، سيما وخبر موسى عليهالسلام عن ربه كان يغني عن خبرهم ، فإذا جاز أن يختاروا مع أن خبره يغني عن خبرهم ، فيجب أن يكون اختيار السبعين وإن وقع العلم بمن دونهم أو لم يقع العلم بخبرهم أصلا كذلك ، فمن أين أن سبب اختيارهم كان ما ادعاه السائل؟
فأما من اعتبر الثلاثمائة (٥) [وثلاثة عشر] لأنهم العدد الذين جاهد بهم النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم في غزاة بدر ، فليس له تعلق بوقوع العلم بخبرهم.
والكلام عليه يقارب الكلام على الوجهين الأولين.
وأما الشرط الثاني : وهو أنه يجب أن يكونوا عالمين بما أخبروا به ضرورة ، فإنما اعتبرناه لأن جماعة المسلمين يخبرون الملحدة بأن الله تعالى أحد ، ويخبرون اليهود والنصارى بنبوة النبي (٦) صلىاللهعليهوآلهوسلم فلا يحصل لهم العلم بصحة ذلك. ويخبر بعضهم عن البلدان وما أشبهها فيحصل العلم بخبرهم.
والعلة في ذلك على التقريب أن العلم الضروري لو وقع بذلك لأدى إلى أن يكون حال المخبر أقوى من
حال المخبر ، وهذا لا يجوز ، وإذا لم يقع العلم بخبر من يعلم ما أخبر عنه باكتساب فبأن لا يقع بخبر من لا يعلم المخبر عنه أصلا من المقلدين
__________________
(١) شرح اللمع ٢ : ٥٧٤.
(٢) ذكرناهما.
(٣) لأنه.
(٤) يمنع.
(٥) شرح اللمع ٢ : ٥٧٤.
(٦) نبينا صلىاللهعليهوآلهوسلم.