أن يكون المخبرون أكثر من أربعة ، ولا يقطعون على عدد منهم دون عدد.
ومنها : أن يكونوا عالمين بما يخبرونه ضرورة.
ومنها : أن يكونوا ممن إذا وقع العلم بخبر عدد منهم أن يقع العلم بكل عدد مثلهم.
وأما ما نختص به فهو أن نقول : لا يمتنع أن يكون من شرطه أن يكون من يسمع الخبر لا يكون قد سبق إلى اعتقاد يخالف ما تضمنه الخبر بشبهة أو تقليد ، ونحن ندل على وجوب جميع ذلك إن شاء الله تعالى.
إنما قلنا أنه لا بد أن يكونوا أكثر من أربعة ، لأنه لو جاز أن يقع العلم بخبر أربعة ، لكان شهود الزنا إذا شهدوا بالزنى وهم أربعة ، كان يجب أن يحصل العلم للحاكم بصحة ما شهدوا به أنهم كانوا صادقين ، ومتى لم يحصل له العلم علم أنهم كاذبون ، فكان يجب أن يرد شهادتهم ، ويقيم حد القذف عليهم ، وإن كان ظاهرهم ظاهر العدالة مزكين ، وقد أجمع المسلمون على خلاف ذلك.
وليس لأحد أن يقول : إنهم لا يأتون بلفظ الخبر ، فلذلك لا يقع العلم بشهادتهم.
لأنه لا اعتبار عندنا بالألفاظ ، لأنه لو أخبر المخبر بالأعجمية (١) أو النبطية لكان كإخباره بالعربية ، بل لو عرف قصد المشير لكان حاله حال المخبر في وجوب العلم عنده ، فما ذكروه لا يصح (٢).
وليس لهم أيضا أن يقولوا : أن الشهود يشهدون مجتمعين غير متفرقين ، وكونهم كذلك يوجب أن يكونوا في حكم من تواطأ على ما أخبر به ، ومن شرط من يقع العلم بخبرهم ألا (٣) يتواطئوا ، فلذلك لا نعلم بشهادتهم.
وذلك أن هذا فاسد من وجهين :
__________________
(١) بالعجمية.
(٢) المعتمد في أصول الفقه ٢ : ٨٩.
(٣) أن لا.