فصل ـ [١]
«في حقيقة الخبر ، وما به يصير خبرا ،
وبيان أقسامه»
حد الخبر ما صح فيه الصدق أو الكذب ، وهذا أولى مما قاله بعضهم من أنه ما صح فيه الصدق والكذب ، لأن ذلك محال ، لأنه لا يجوز أن يكون خبر واحد صدقا وكذبا ، لأنه لا يخلو أن يكون مخبره (١)* على ما تناوله الخبر فيكون صدقا ، أو لا يكون على ما تناوله الخبر فيكون كذبا.
فأما احتمالهما جميعا فمحال على ما بينا.
ثم لو صح لكان منتقضا ، لأن هاهنا مخبرات كثيرة لا يصح فيها الكذب ، ومخبرات كثيرة لا يصح فيها الصدق ، نحو الإخبار عن توحيد الله وصفاته ، فإن جميع ذلك لا يصح فيها الكذب ، والإخبار عن ثان ومعه ثالث لا يصح فيها (٢) الصدق أصلا ، فعلم أن الأولى ما قلناه.
اللهم إلا أن يراد بهذه اللفظة : «أن يحتمل الصدق والكذب» أنه يحتمل أحدهما ، فإن أريد ذلك كان مثل ما قلناه.
__________________
(١) * المراد بالمخبر ـ بفتح الباء ـ هنا المحكوم عليه ، وبما تناوله الخبر المحكوم به.
(٢) في الأصل : فيه.