لأن التأكيد أيضا خطاب فيلزم فيه ما لزم في المؤكد ، وأن يكون فعل لمثل ما فعل له المؤكد [نفسه ، وذلك يؤدي إلى ما قلناه.
ولا لهم أن يقولوا : إنه يخاطبه بخطاب لا يحتمل أصلا ، لأنه لا خطاب إلا ويمكن أن يراد به غير ظاهره على وجه التجوز ، فإذا جوز أن لا يدل عليه لزم أن لا نفهم بخطابه شيئا أصلا ، ولا يلزمنا ذلك فيما نقوله في الأسماء المنقولة إلى الشرع ، لأنه قد دللنا على المراد بجميع ذلك ، ففارق ذلك ما قالوه.
وهذه جملة كافية في هذا الباب ، لأن شرح ذلك يطول ويخرج عن بغية الكتاب.
وإذا ثبت ما قلناه ، فمتى ورد خطاب من الله تعالى وجب حمله على ظاهره فيما تقتضيه اللغة ، إلا أن يدل دليل على خلافه.
وأما معرفة مراد الرسول عليه وآله السلام بخطابه فيكون على ضربين :
أحدهما : لمن يشاهده ويضطر إلى قصده بخطابه ، فمن هذه صفته أغناه علمه بقصده ، ومراده عن اعتبار صفاته.
أما من غاب عنه ، ولا يعلم قصده ضرورة ، فلا يصح أن يعرف مراده إلا بعد العلم ما شاء.
منها : أن نعلم أنه لا يجوز أن يكذب فيما يؤديه عن الله تعالى.
ومنها : أنه لا يجوز أن يكتم ما يجب أداؤه.
ومنها : أنه لا يؤدي على وجه يقتضي التفسير عنه فيمن حصلت له عدة علوم ، صح أن يعلم بخطابه مراده. ومتى لم تحصل له لم يصح ذلك.
ولم نذكر في جملة هذه الأقسام العلم بنبوته ، لأن الكلام في خطاب من ثبتت نبوته ، دون من لم تثبت نبوته ، فذلك خارج عن هذا.
وإنما شرطنا هذه العلوم ، لأن العلم المعجز إذا دل على صدقه أنه رسول الله صلىاللهعليهوآله دل على أنه صادق فيما يؤديه عن الله تعالى ، لأنه لا يجوز أن يعلمه صادقا في أنه رسول الله صلىاللهعليهوآله ويجوز أن يكذب فيما بلغ ، لأن ذلك يوجب أن يكون الله تعالى أرسله مع علمه أنه لا يؤدي ما حمله من الرسالة على