العجم أن يكون متكلما بالعجمية ، وذلك لا يقوله أحد. فعلم أن الصحيح ما قلناه.
وإذا ثبتت هذه الجملة فمتى ورد خطاب من الله تعالى أو من الرسول عليهالسلام (١) نظر فيه ، فإن كان استعماله في اللغة والعرف والشرع سواء ، حمل على مقتضى اللغة ، وإن كان له حقيقة في اللغة وصار في العرف حقيقة في غيره وجب حمله على ما تعورف في العرف ، وكذلك إن كان له حقيقة في اللغة أو العرف وقد صار بالشرع (٢) حقيقة لغيره (٣) ، وجب حمله على ما يعرف (٤) بالشرع (٥) ، وكذلك إذا (٦) كانت اللفظة منتقلة عن اللغة إلى العرف ثم استعملت في الشرع على خلاف العرف ، وجب حملها على ما تقرر في الشرع ، لأن خطاب الله تعالى وخطاب النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ينبغي أن يحملا على ما تقتضيه الشريعة ، لأنه المستفاد من هاتين الجهتين. ومتى نقل الله تعالى أو رسوله عليه وآله السلام اسما من اللغة إلى الشرع وجب عليه أن يبينه لمن هو مخاطب به (٧)* دون من لم يخاطب به ، لأن من ليس بمخاطب به لا يجب بيانه له ، ولأجل هذا لا يجب أن يبين الله تعالى لنا مراده بالكتب السالفة لما لم نكن مخاطبين بها ، وهذا وإن لم يجب فإنه يحسن أن يبين لغير المخاطب كما يبين الله تعالى أحكام الحيض لمن ليس هو مخاطب بها من الرّجال ، وذلك جائز غير واجب على ما قلناه ، وإنما قلنا ذلك لأنه كما يجب أن يقدر من ليس بمخاطب به ، فكذلك لا يجب أن يعلمه لأن القدرة آكد من العلم ، لأن الفعل يستحيل من دونها أصلا ، فإذا لم تجب القدرة فكذلك لا يجب العلم على ما بيناه.
__________________
(١) النبي صلىاللهعليهوآله.
(٢) في الشرع.
(٣) في غيره.
(٤) تعورف.
(٥) في الشرع.
(٦) إن.
(٧) * المراد بالمخاطب أعم من المكلف ومن توجه إليه الكلام.