أو منفصلا ، أو غير لفظ.
وليس لأحد أن يقول : إنّ العموم إذا خصّ فلم يتناول غير ما كان يتناوله (١) ، بل ما تناوله في حال الخصوص ما تناوله في حال الاستغراق ، فكيف يكون مجازا؟ (٢).
وذلك أنّا لم نقل إنّه يصير مجازا لتناوله ما تناوله ، وإنّما صار مجازا لأنّه لم يتناول ما زاد عليه من الاستغراق ، فصار في ذلك كأنّه استعمل في غير ما وضع له (٣)*.
فإن قيل : أليس الكلام إذا انضمّ بعضه إلى بعض تغيّر معناه ولا يكون ذلك مجازا ، وذلك نحو الخبر (٤)* إذا انضمّ إلى المبتدأ والحروف الدّاخلة على الجمل من حرف شرط (٥)* ، أو استفهام ، أو نفي ، أو تمنّ ، وما أشبه ذلك ، فقولوا في العموم أيضا مثل ذلك إذا خصّ أنّه لا يصير مجازا بما قارنه من الدّليل الّذي اقتضى تخصيصه.
قيل لهم : أوّل ما في هذا أنّ هذه الشّبهة توجب أن لا يكون في الكلام مجازا أصلا ، لأنّه يقال : إنّ اللّفظ وما دلّ على أنّه مجاز كلاهما حقيقة فيما أريد به ، وهذا واضح البطلان.
ثمّ إنّ هذه الأمثلة إنّما يمكن أن تكون شبهة لمن قال إذا خصّ بدليل لفظيّ متّصل لا يصير مجازا ، فأمّا إذا خصّ بدليل غير مقترن باللّفظ أو بدليل منفصل وإن كان لفظيّا فلا يكون ذلك نظيرا لهذه الأمثلة.
ونحن نجيب عن جميع ذلك ونفصل بينه وبين العموم.
__________________
(١) * أي ما لم يكن يتناوله.
(٢) التبصرة : ١٢٣.
(٣) * حاصله أنّ المراد بغير ما وضع له في تعريف المجاز ما يشتمل مغايرة الجزء الكلّ كما هو المتبادر ، فجزء ما وضع له كأنّه ممّا لم يوضع له أصلا في دخوله في التعريف.
(٤) * فإنّه زاد في المبتدأ كونه مخبرا عنه.
(٥) * فإنّها زادت في الجملة معنى الشّرط ، والمراد زادت فيها هذا ونقصت عن كونها إخبارا وعلى هذا القياس الباقي.