«رأيت رجلا وإنسانا» وما يجري مجراه ، وهذا يسمّيه أهل اللّغة النّكرة لأنّه لا يخصّص واحدا من غيره.
ومنها : الأسماء المشتقّة نحو قوله تعالى : (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ)(١) ، وقوله تعالى : (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي)(٢) ، وما يجري مجرى ذلك ، فإنّه متى كان فيها الألف واللّام ولم يكن المراد بهما المعهود والمعرّف أفاد الاستغراق ، ومتى كان العهد أفاد التّعريف ، نحو قول القائل : «رأيت ضاربا وقاتلا» فإنّه يفيد واحدا لا بعينه.
ومنها : ألفاظ الجموع إذا دخلها الألف واللّام فإنّها تفيد الاستغراق نحو قولهم : «رأيت الرّجال» وما يجري مجرى ذلك ، فإنّ ذلك يفيد جميع الرّجال ، إلّا أن يراد بذلك التّعريف والعهد فيحمل على ذلك.
ومتى خلت ألفاظ الجموع من الألف واللّام فإنّها تفيد ثلاثة فصاعدا لا بأعيانهم ، ويكون الثّلاثة مقطوعا بهم وما زاد على ذلك مشكوكا فيه مجوّزا.
قد اختلف المتكلّمون فيما ذكرناه من ألفاظ الجموع ، وألفاظ الجموع ، وألفاظ الأجناس ، فذهب أبو عليّ وأكثر المتكلّمين إلى أنّ هذه الألفاظ إذا كان فيها الألف واللام وجب حملها على الاستغراق إذا لم يكونا للعهد ، إلّا أن يدلّ دليل على أنّه أريد بهما البعض فيحمل عليه (٣).
وذهب أبو هاشم إلى أنّ ذلك لا يفيد الاستغراق وإنّما يفيد في أسماء الأجناس تعريف الجنس المخصوص ، وفي أسماء الجموع الثّلاثة فقط ، لأنّ الحكيم لو أراد أكثر من ذلك لبيّنه (٣) ، ونحن نبيّن الصّحيح من ذلك فيما بعد إن شاء الله تعالى.
واتّفق هؤلاء وغير هؤلاء على تناول الجموع الثّلاثة فصاعدا حقيقة وإنّ أقلّ الجمع ثلاثة ، وذهب قوم إلى أنّ أقلّ الجمع اثنان ، والأوّل هو مذهب أكثر الفقهاء (٤).
__________________
(١) المائدة : ٣٨.
(٢) النور : ٢.
(٣) انظر : «ميزان الأصول ١ : ٣٩٦ ـ ٣٩٥ ، المعتمد ١ : ٢٢٣ ، الذريعة ١ : ٢٢٢».
(٤) انظر التعليقة رقم (٢) صفحة ٢٩٨.