فصل ـ [١]
«في ذكر حقيقة العموم والخصوص ، وذكر ألفاظه»
اعلم أنّ معنى قولنا في اللّفظ «أنّه عام» يفيد أنّه يستغرق جميع ما يصلح له ، وبهذا الّذي ذكرناه يتميّز من غيره ممّا لا يشركه في هذا الحكم ، كما أنّ الأمر والنّهي وسائر أقسام الكلام يتميّز بعضها من بعض بما يفيد كلّ واحد من الأقسام ، ولذلك يقال : «عمّ الله تعالى المكلّفين بالخطاب» لما كان متوجّها إلى جميعهم (١).
__________________
(١) اختلف الأصوليون والمتكلّمون في العموم وهل لها صيغة تخصّه أم لا؟ وهم على مذاهب :
١ ـ للعموم صيغة بمجرّدها تخصّها وتدلّ على الاستيعاب والاستغراق والكثرة : وهذا القول عليه جمهور الأصوليين كالشّافعي ، وابن حنبل ، وأبي حنيفة ، والجبّائي ، ومحمّد بن شجاع الثلجي ، وأبي إسحاق الشّيرازي ، والسمرقندي وغيرهم.
٢ ـ الوقف ، أي ليس للعموم صيغة تخصّها وألفاظ الجمع لا تحمل على العموم إلّا بدليل : وهو قول أبي الحسن الأشعري ، والباقلاني ، ونسبه أبو الحسين البصري للمرجئة ، والغزالي للجهميّة المرجئة والخوارج.
٣ ـ الاشتراك بين العام والخاصّ : وهو منقول عن أبي الحسن الأشعري.
انظر : (الرسالة : ٥٣ ـ ٥٢ ، أصول السرخسي ١ : ١٢٥ ، التبصرة : ١٠٥ ، المنخول : ١٤٠ ـ ١٣٨ ، الإحكام ٢ : ١٨٥ ، المعتمد ١ : ١٩٢ ـ ١٨٩ ، شرح اللّمع ١ : ٣٣٥ ، روضة النّاظر : ١٩٤ ، الأحكام ٣ و ٤ : ٤١٩ ـ ٤٠٣».
وأمّا الإماميّة : فإنّ الشيخ المفيد ذهب إلى أنّ للعموم صيغة تخصّها ، وتابعة في هذا الرّأي الشيخ الطوسي ، وأمّا الشريف المرتضى فإنّه اختار المذهب الثالث أي الاشتراك.