ويمكن (١) الاستدلال ـ بما روي عنه عليهالسلام من قوله : «من أدخل في ديننا ما ليس منه ، فهو ردّ» (٢) ـ على صحّة ما ذهبنا إليه ، لأنّ ارتكاب النّهي خلاف الدّين بلا خلاف.
فإن قالوا : معنى الرّد في الخبر أنّه غير مقبول ولا يستحقّ عليه الثّواب وذلك لما تعلّق له بالإجزاء ، لأنّا قد بيّنا أنّه مع كونه غير مقبول ولا يستحقّ عليه الثّواب لا يمتنع أن يقع موقع الصّحيح.
قيل لهم : ذلك تخصيص للخبر ، وينبغي أن يحمل الخبر على عمومه وشموله فيحكم بأنّ ذلك لا يقبل ولا يستحقّ عليه الثّواب ولا يقع به الإجزاء ، فمن ادّعى تخصيصه احتاج إلى دلالة.
وليس لهم أن يقولوا : إنّما يمكن الاستدلال بالخبر إذا ثبت أنّ ارتكاب النّهي ليس من الدّين ، ومن خالف في أنّ ذلك مجز يقول إنّه من الدّين.
وذلك أنّه لا خلاف في أنّ ذلك قبيح ، وما هو قبيح لا يكون من الدّين ، لأنّ كونه من الدّين يقتضي كونه حسنا وزيادة ، وإنّما الخلاف في أنّ ذلك وإن كان كذلك هل يجوز أن يقوم مقام ما هو حسن أم لا؟ ، وذلك يحتاج إلى دليل.
وقد استدلّ قوم على ذلك أيضا بأن قالوا : كونه مجزيا لا يخلو أن يعلم ذلك بلفظ الأمر أو الإباحة (٣).
فإن قلتم بذلك فكونه قبيحا يعلم من كونه مأمورا به ومن كونه مباحا.
__________________
(١) في الأصل : (في) بدل (يمكن).
(٢) لم نعثر على هذا الحديث في المصادر المعتمدة عند الطائفة ، وقد رواه ابن أبي جمهور الأحسائي في كتاب «عوالي اللئالي» : ج ١ : ٢٤٠ ح ١٦٠. ورواه أيضا مسلم في صحيحة ج ٣ كتاب الأقضية ، باب ٨ باب نقض الأحكام وردّ محدّثات الأمور حديث ١٧. ولفظ الحديث عنده «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو ردّ» ، وكذلك رواه بهذا اللفظ البخاري ، وأبو داود ، وابن ماجة.
(٣) نسب الشّريف المرتضى (الذريعة ١ ـ ١٨٦ ـ ١٨٤) وأبو الحسين البصري (المعتمد ١ : ١٧٤) هذا القول إلى من حكم بفساد المنهي عنه ، فقال المرتضى : «وقد تعلّق من حكم بفساد المنهي عنه وعلّقه بظاهر النّهي بأشياء ... وخامسها : أنّ المنهي عنه لو كان مجزيا لكان الطّريق إلى معرفة ذلك الشّرع ، وإنّما ينبئ الشّرع عن اجزائه إمّا بالأمر والإيجاب أو الإباحة ، وكلّ ذلك مفقود في المنهي عنه».