فصل ـ [١]
«في ذكر حقيقة النّهي وما يقتضيه ، وجملة من أحكامه» (١)
النّهي هو : «قول القائل لمن دونه : لا تفعل» ، كما أنّ الأمر قوله له : «افعل» ، وما دلّ على أحدهما دلّ على الآخر فالطّريقة واحدة ، وإنّما يكون نهيا إذا أكره النّاهي المنهيّ عنه عند من قال بذلك (٢).
والّذي أقوله في ذلك : ما قدّمت ذكره في باب حقيقة الأمر (٣) من أنّ هذه الصّيغة وضعها أهل اللّغة ليدلوا على إيجاب الامتناع من الفعل ، ثمّ ينظر في ذلك فإن كان صادرا من حكيم دلّ على أنّ ذلك الشّيء قبيح ، لأنّه لا يوجب الامتناع ممّا هو حسن ، فهو إذا دلالة على القبح.
وقد ترد هذه الصّورة ولا تفيد النّهي على الحقيقة على ضرب من المجاز ، مثل ما قلناه
__________________
(١) إنّ النهي يقارن ويشترك مع الأمر في معظم الأبحاث والاستدلالات ، ولهذا وبرغم أنّ الأصوليين أفردوا له بابا لكنّهم اختصروا القول فيها واقتصروا على ذكر المختار دون بيان الدّليل بل أحالوا على الأدلّة الّتي أوردوها في الأمر.
(٢) القائل بذلك هم المعتزلة حيث يذهبون إلى أنّ إرادة عدم المنهي عنه وكراهة الآمر للفعل شرط في صحّة النّهي ، وأمّا الأشاعرة فلا يشترطونها. انظر : «المعتمد ١ : ١٦٨ ، ميزان الأصول ١ : ٣٤٨ الذريعة ١ : ١٧٥».
(٣) انظر استدلال المصنّف على مذهبه به في صفحة ١٧٢.