ويدلّ على حسن ذلك أيضا :
أنّه يحسن في الشّاهد أن يأمر الواحد منّا غلامه بفعل بعد أوقات كثيرة.
ويحسن من الموصي أن يوصي لولد ولده ولمن يجيء من بعدهم من النّسل ، ويأمرهم أن يفعلوا في الوصيّة ما يريده ، وهذا لا يدفع حسنه منصف.
وعلى هذا قلنا : إنّه يحسن أمر المعدوم والعاجز بأن يفعل الفعل في الوقت الّذي قد علم أنّ علّته ستزاح فيه ويمكّن من فعله.
ويبيّن ذلك أنّ الفعل الّذي امر به لا يحتاج إلى تقدّم القدرة في حال الأمر ، لأنّها لو وجدت في تلك الحال وعدمت في حال الحاجة إلى الفعل لم يحسن أمره ، فدلّ على أنّ الحاجة إليه تقع قبل حال الفعل بحال ، ولو لم يحسن ذلك (١) لم يحسن من الواحد منّا أن يأمر غيره بأن يفعل في غد فعلا يحتاج إلى آلة مع عدمها ، وإن علم أنّه يتمكّن منها في غد حتّى يجب ، ألا يحسن منّا أن نأمر النجّار بإصلاح الباب إلّا والآلة الّتي بها يصلحه في يده ، وهذا ممّا لا يحتاج إلى إفساده ، لأنّه معلوم ضرورة خلافه.
وهذه جملة كافية في هذا الباب.
__________________
(١) أي تقدّم الأمر قبل وقت الفعل بأوقات وفترة زمنية طويلة.