عالما بأنّ المأمور يتمكّن من أداء ما امر به (١).
ويعلم أنّ المأمور به على وجه يحسن (٢) الأمر به.
ويعلم أنّه ممّا يستحقّ بفعله الثّواب (٣).
ويكون غرضه وصوله إلى الثواب (٤).
وأمّا إذا كان الآمر ممّن لا يعلم العواقب من الواحد منا ، فإنّه يحسن منه الأمر إذا ظنّ في المأمور ما ذكرناه ، بأن يشترط أداءه إن قدر عليه ، لأنّه إذا لم يعلم العواقب فإنّ الظنّ يقوم له مقام العلم ، ولو لم يحسن مع الظّنّ لما حسن من الواحد منّا أن يأمر غيره
__________________
عقليّا ، وكلاهما باطلان ممنوعان ، إذ الأوّل يقتضي أن يكون هناك من أوجب على الله وكلّفه وهو محال ، والثّاني يقتضي عدم التخلّف ، وقد ثبت تخلّفه تعالى في الكافر الفقير الّذي قضى عمره في الفقر والكفر فإنّه لم يفعل معه الأصلح. انظر : «ميزان الأصول ١ : ٢٧٨ ، الاعتقاد على مذهب السلف : ٧٤ ، الإنصاف فيما يجب اعتقاده : ٧٤ ، أصول الدّين : ٢٠٩».
(١) ويدخل في التمكين القدر والآلات والعلوم وما أشبه ذلك ، كما شرطه المرتضى (الذريعة ١ : ١٦١) أمّا أبو الحسين البصري فقد ذهب إلى أبعد من ذلك حيث قسّم القدر والآلات والعلوم والإرادة إلى قسمين : ما يتمكّن الإنسان من تحصيله فيجوز تكليفه وأمره به ، ما لا يتمكّن من ذلك فلا يجوز أن يفوّض إلى الإنسان تحصيله ، ثمّ ذهب إلى ضرورة «حصول جميع ما يحتاج الفعل إليه في الوقت الّذي يحتاج الفعل أن يوجد فيه ، فإن كان الشّيء يحتاج الفعل إليه في وقت وجوده ، وجب وجوده في ذلك الوقت ، وإن احتاج إليه قبل وجوده ، أو في حال وجوده وقبل وجوده معا ، وجب وجوده كذلك.» ثمّ يفصّل الأشياء الّتي يجب وجودها إلى ضربين فيدخل في بيان ضرورة وجود العلم والإرادة وفقد الموانع والسبب الّذي يؤدّي إلى حصول المسبّب ، ولزوم وجود الدّلالة على العلم وتقدّمها عليه ... إلخ. (انظر : المعتمد ١ : ١٦٥) ، وهذه التفاصيل سيتعرّض لها المصنّف لاحقا ، انظر ص ٢٤٧.
(٢) بأن يكون للفعل صفة زائدة على حسنه من جهة صفة النّدب أو الوجوب أو يتعلّق به نفع أخروي أو دفع ضرر دنيوي ، انظر : (الذريعة ١ : ١٦٢ ، المعتمد ١ : ١٦٤) هذا بناء على مذهب العدليّة ، وأمّا الأشاعرة وأهل الحديث فيعتقدون أنّه (ليست الحكمة مقصورة على النّفع للآمر والمأمور ، ولكن يجب أن تتعلّق به عاقبة حميدة) انظر : «ميزان الأصول ١ : ٢٧٨. وأيضا المصادر الواردة في التعليقة رقم ١ صفحة ٢٤٤].
(٣) بأن يكون واجبا أو ندبا ، انظر : «الذريعة ١ : ١٦٢».
(٤) أي أن يكون قصد الله سبحانه وتعالى وداعيه في توجيه الأمر إلى المكلّف هو إيصاله إلى الثّواب.