فصل ـ [١]
«في ذكر حقيقة الأمر وما به يصير أمرا»
الأمر عبارة عن قول القائل لمن هو دونه (١) : افعل (٢).
والفعل لا يسمى أمرا (٣) إلا على وجه المجاز والاستعارة ، وهذا مذهب أكثر المتكلمين والفقهاء (٤).
__________________
(١) إن اشتراط الشيخ الطوسي (ره) العلو والاستعلاء في الأمر الصادر من الآمر مخالف لرأي جمهور الأصوليين من العامة ، وموافق لمذهب الشيخ المفيد (انظر «التذكرة» ٣٣ ـ ٣٠ ، فإن فحوى كلامه والمصاديق المشار إليها جميعها دالة على ضرورة العلو والاستعلاء) والشريف المرتضى (الذريعة ١ : ٣٥) وهو مذهب المعتزلة (المعتمد ١ : ٤٣ ، المغني ١٧ : ١٢٠) وأحمد بن حنبل (روضة الناظر ١٧٦) وبعض الأصوليين من العامة كالشيرازي وأبو نصر بن الصباغ وأبو المظفر بن السمعاني (التبصرة : ١٧ ، شرح اللمع ١ : ١٩٢ ـ ١٩١).
(٢) قال ابن فارس : الأمر الّذي هو نقيض النهي ، قولك افعل كذا. قال الأصمعي : يقال : لي عليك إمرة مطاعة ، أي لي عليك أن آمرك مرة واحدة فتطيعني «معجم مقاييس اللغة ١ : ١٣٧ ، انظر أيضا : لسان العرب ١ :٢٠٣».
(٣) يقصد المصنف أنه لا شبهة في أن إطلاق لفظ (الأمر) على القول المخصوص (قول القائل لمن هو دونه : افعل) إطلاق حقيقي ، وأما في إطلاقه على الفعل فمختلف فيه ، وجل الأصوليين والفقهاء على أن الإطلاق مجازي ، إلا شرذمة من أصحاب الشافعي القائلين بحقيقة الإطلاق.
(٤) انظر : «المعتمد في أصول الفقه ١ : ٣٩ ، ميزان الأصول ١ : ٢٠٠».