صلىاللهعليهوآلهوسلم وجوب ما أخبر به الواحد ، فيصير في حكم علم قد ظهر عليه ، وإن جوزنا كونه كاذبا فيه ، لأنه لا يمتنع أن تكون المصلحة لنا في العمل به وإن كان هو كاذبا ، كما لا يمتنع أن يكون الواجب علينا ترك سلوك الطريق إذا خوفنا الواحد من سبع فيه أو لص ، وإن كان كاذبا.
ثم هذا يوجب عليه ألا (١) يحكم بشهادة الشهود مع تجويز أن يكونوا كذبة ، كما لا تقبل من الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم الشريعة إلا بعلم يدل على نبوته.
فإن قالوا : ولم لا يجوز أن يعلم أيضا بقول نبي متقدم وجوب تصديق نبي آخر يجيء بعده؟ والعمل بما معه مثل (٢) ما قلتموه في خبر الواحد من أنه يعلم وجوب العمل به بقول الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم.
قيل له : إن كان سؤالك عن وجوب العمل بما يجيء به إنسان في المستقبل ، فهذا هو معنى قبول خبر الواحد وجواز العمل به بعينه ، فذلك جائز ، وإن كان (سؤالك) (٣) عن تصديق نبي يجيء ، فذلك طريقه العلم لا العمل ، فلا يجوز أن يعمل بقوله ، لأنا بينا أن خبر الواحد لا يوجب العلم. اللهم إلا أن يفرض المسألة فيقال : إن النبي المتقدم ينص لنا على صفة من يدعي النبوة ويقول : «من كان عليها وادعى النبوة فاعلموا أنه صادق» فإن ذلك جائز ، ويكون ذلك نصا على نبوته ، وما دل على صدقه دال على تصديق هذا وإن كان بواسطة ، فبطل بهذا التجويز جميع ما تعلق به في هذا الباب.
فإن قالوا (٤) : لو جاز قبول خبر الواحد في الفروع ، لجاز ذلك في الأصول ، وفي ثبوت القرآن ، لأن جميع ذلك من مصالح الدين ، فإذا لم يصح ذلك في بعضه لم يصح في سائره.
__________________
(١) أن لا.
(٢) في الأصل (قيل).
(٣) زيادة من الحجرية.
(٤) انظر : «المعتمد في أصول الفقه ٢ : ١٠١ ، التبصرة : ٢٩٩ ، الذريعة إلى أصول الشريعة ٢ : ٤٧».