ولا يخفى أنّ تحرير محلّ النزاع أعمّ منه ومن الوجه الثاني بل الأوّل كما سيظهر إن شاء الله ، وتحرير المصنف مطابق للوجه الثالث ، وإن كان أخصّ من أجل أخذ العنوان مخالفة خصوص القطع. لا مطلق مخالفة الحجّة على ما ذكرنا من أنّ المناسب جعله عنوانا للنزاع هذا.
والتحقيق الحقّ في المسألة تبتنى على تمهيد مقدّمة وهي أنّ الإطاعة والعصيان من العناوين الثانويّة للفعل والترك بالنسبة إلى المأمور به والمنهيّ عنه فالصلاة والصوم والحجّ مثلا عنوان أوّلي للفعل وكونها موافقا للأمر بها عنوان آخر لها يسمّى بالإطاعة ، وقد يتوهّم أن عنوان الإطاعة عين عنوان نفس الأفعال ولا فرق بينهما إلّا بالعموم والخصوص والأمر بالإطاعة أمر بالصوم والصلاة والحجّ بعبارة جامعة ، فكأنّه قال افعل هذه الأفعال ويلزمه أن يكون الأمر بالإطاعة تأكيدا للأوامر الخاصّة المتعلّقة بهذه الأفعال وهذا مثل أن يقال : أكرم زيدا العالم وعمروا العالم وبكرا العالم ـ إلى آخر الأفراد ـ ثمّ قال : أكرم العلماء ، والحقّ تعدّد العنوانين كالضرب في التأديب والقيام في التعظيم ، ويشهد بذلك كون نفس الفعل واجبا مولويّا شرعيّا والإطاعة واجبا إرشاديّا عقليّا وهكذا عنوان العصيان إلى فعل المنهيّ عنه أو ترك المأمور به بالمقايسة.
ثمّ لا ريب في أنّ استحقاق الثواب والعقاب يناط بالإطاعة والعصيان في الجملة ، ولكن الإشكال في أنّ منشأ هذا الاستحقاق هل هو نفس الفعل بمناط الإطاعة والعصيان وبشرطهما أو نفس الإطاعة والعصيان؟ الظاهر هو الثاني بحكم العقل ظنّا ويحتمل الأوّل.
هذا في استحقاق الثواب والعقاب العقلي وأما الثواب والعقاب الجعليّين الثابتين بالشرع فيجوز على نفس الفعل وعلى عنوان الإطاعة والمعصية تابعان للجعل ولا دخل لهما بما نحن بصدده.
أقول : لم يظهر ارتباط هذه المقدمة بمسألتنا هذه وقد أوردت ذلك على السيّد