مقبول. هذا كلّه في حكم المخالفة النفس الأمريّة.
وأمّا الموافقة الاتّفاقيّة كذلك كما لو فرض أن المكلّف قطع بوجوب شيء باعتقاد أنّه مأمور به بأمر والده وفعله بهذا العنوان والداعي ، فتبيّن أنّه واجب بأمر الشارع مثلا فإن كان واجبا توصليّا غير مشروط بقصد القربة فلا إشكال في موافقة الأمر والإطاعة ويترتّب عليه ثواب الانقياد ، وإن كان تعبّديّا مشروطا فيه قصد القربة فإن قلنا بأنّ قصد القربة بعمل لا يتحقّق إلّا بقصد أمره المتعلّق به فالعمل باطل لم يحصل به إطاعة ولا امتثال ولا استحقاق ثواب ، وإن قلنا بأنّه يكفي في القربة كون العمل بداع إلهي كما هو المحقّق عندنا في محلّه فإنّه عمل صحيح موافق للأمر وقد حصل به الإطاعة واستحقاق المثوبة ولا بأس بالتزام ذلك وإن استبعده بعضهم.
لكن الكلام في أنّ قطعه هذا هل هو حجّة عليه من الشارع وإن كان مخالفا للواقع؟ لا بدّ أوّلا من تحرير محلّ النزاع ببيان امور ثلاثة :
الأوّل : أنّ هذا النزاع يجري في سائر الأدلّة من الاصول والأمارات والأدلّة الظنيّة والقطعيّة ، ويجمعها أنّ الأحكام الفعليّة باعتقاد المكلّف هل يوجب مخالفتها عقابا تخلّفت عن الواقع ولم يحصل الموافقة بالنسبة إلى الأحكام الواقعيّة أم لا؟ وحينئذ جعل المصنّف رحمهالله هذا البحث من مباحث خصوص القطع ، لا وجه لها.
أقول : وجهه أنّ سائر ما ذكر قائم مقام القطع على مذاق المصنّف فيجري فيها النزاع بالتبع فإذا علم حال ما هو طريق في نفسه منجعل بنفسه يعلم حال ما هو طريق مجعول بجعل الشارع وما هو بدل منه يقوم مقامه. ثمّ لا يخفى أنّه لو قلنا بأنّ مؤدّى الاصول والأمارات أحكام ظاهريّة مجعولة في قبال الأحكام الواقعيّة كما قد يظهر من المصنّف في بعض المقامات فلا ريب أنّ مخالفتها معصية واقعيّة وإن لم يتّفق مخالفة الأحكام الواقعيّة وكان بالنسبة إليها محض التجرّي.
الثاني : النزاع يجري في القطع الطريقي المحض وهو واضح وفي القطع الموضوعي إذا كان القطع جزءا للموضوع لا تمامه سواء كان مأخوذا على وجه