قام فليمض كلّ شيء شكّ فيه وقد جاوزه ودخل في غيره فليمض عليه (١) ، فإنّ ظاهرها الدخول في غير المعنون بعنوان خاصّ من عناوين الأجزاء كالركوع والسجود لا مطلق الغير كالهويّ والنهوض ، وظاهر التعليل عموم الغير فحكّمه على الصدر ، لكنّه رحمهالله عكس الأمر في فقهه في رواية ابن أبي يعفور إذا شككت في شيء من الوضوء ودخلت في غيره فشكّك ليس بشيء إنّما الشكّ إذا كنت في شيء لم تجزه (٢) ، فجعل الصدر حاكما على الذيل ، وأنّ المراد بالتجاوز هو الدخول في الغير كما يستفاد من الصدر فتدبّر.
٣٤٧ ـ قوله : ويمكن أن يقال إنّ المراد منه ما يعمّ الظهور العرفي الحاصل من الاطمينان. (ص ١١٩)
أقول : إن اريد من الظهور الحاصل من الاطمينان ، الظنّ القويّ الاطميناني ، فلا ينافي مقتضى اشتقاقه ، لأنّه ملحق بالعلم عرفا وشرعا ، لكن خبر العادل لا يحصل منه هذا الاطمينان غالبا البتّة ، فالإيراد بحاله ، وإن اريد مطلق الظهور الظنّي الذي يعتمد عليه العقلاء في أفعالهم ، فهو خلاف مقتضى اشتقاقه ، كما ذكره لأنّ «بان» بمعنى ظهر ووضح وانكشف ، فالحمل على الظنّ يحتاج إلى قرينة فإن حمل لفظ الجهالة في التعليل على السفاهة يكون ذلك قرينة على أنّ ما لا يجب فيه التبيّن كلّ ما لا يكون العمل به سفاهة ، وهو مطلق ما يفيد الظنّ ، وعليه يندفع المعارضة ، ويكون محصّل التعليل أنّ ما لا يفيد الظنّ موجب لإصابة قوم بجهالة ، كخبر الفاسق ، فلذا وجب تبيّنه وتحصيل الظنّ بصدقه ، وقد مرّ أنّ هذا أحد الوجوه الدالّة على حجّية خبر العادل ، وكيف كان فعدّ هذا الوجه جوابا عن إيراد المعارضة مع قطع النظر عن الجواب الآتي لا يخلو عن شيء إذ هو مبنيّ على أن يكون الجهالة الّتي يفهم بمقابلتها معنى التبيّن ،
__________________
(١) الوسائل : ٤ / ٩٣٧
(٢) تهذيب الاحكام : ١ / ١٠١ والوسائل : ١ / ٣٣١