قلنا : ليس المناط الكشف القطعي قطعا ، والّا لم يشمل الرواية المصطلحة ، بل المناط لو كان هو كون الخبر حاكيا عن الحكم الصادر عن المعصوم ، وهذا مشترك.
٢٨٢ ـ قوله : وأمّا الآيات فالعمدة فيها ... (ص ٧٨)
أقول : وأما آية النفر وآية الكتمان وسؤال أهل الذكر ، فإنّها تشمل الإجماع المنقول من حيث الحكم المستكشف أيضا لو تمّت دلالتها على حجّية الأخبار ، غير أنّها تدلّ حينئذ على حجيّة فتوى الفقيه أيضا ، كالمناط المستنبط من الرّوايات في السابق.
وأمّا من حيث نقل الكاشف فقد مرّت الإشارة إلى عدم دلالتها عليه ، إذ الظاهر منها وجوب الرجوع إلى أهل الذكر والمتفقّه في الأحكام فقط ، لا مطلقا حتّى الموضوعات ، فإنّه لم يقل به أحد ، وإلّا يلزم دلالته على قبول شهادة الواحد في جميع الموضوعات.
وأمّا آية النبأ فقد أشار صاحب الفصول إلى عدم شمولها للأخبار الحدسيّة بوجه آخر ، وهو عدم كونها مشمولة للنبإ المذكور في الآية ، إمّا لأنّ النبأ حقيقة في الإخبار عن الحسّ ، أو لانصرافه إليه ، ثمّ ضعّفه بقوله : «إن اريد أنّ النبأ لا يطلق إلّا على الأشياء التي من شأنها أن تدرك بالحسّ وإن أدركها المخبر بطريق الحدس ، فهذا لا ينافي المقصود ، فإنّ المخبر عنه هنا قول المعصوم أو فعله أو تقريره وهو من شأنه أن يدرك بالحسّ وإن كان طريق الناقل إليه الحدس ، وإن أريد أنّه لا يطلق النبأ إلّا على ما كان علم المخبر به بطريق الحدس فواضح الفساد ، للقطع بأنّ من أخبر عن إلهام أو وحي أو مزاولة بعض العلوم كعلم النجوم يعدّ منبئا ومخبرا قال الله تعالى حكاية عن عيسى : (وَأُنَبِّئُكُمْ بِما تَأْكُلُونَ وَما تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ)(١) ولا ريب أنّ إخباره لم
__________________
(١) آل عمران : ٤٩