يكن عن حسّ ، ومثله قوله تعالى في غير موضع : (فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ)(١) فإنّ علمه تعالى ليس عن حسّ ، وقوله تعالى : (نَبِّئْ عِبادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ)(٢) فإنّ كونه تعالى هو الغفور الرحيم ليس أمرا حسّيا ، وقوله تعالى : (نَبِّئُونِي بِعِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ)(٣) بعد قوله : (قُلْ آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الْأُنْثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحامُ الْأُنْثَيَيْنِ) فإنّ التحريم ليس أمرا حسّيا إلى غير ذلك ـ انتهى ـ (٤) ولقد أجاد فيما أفاد.
ويؤيّده ما ذكره في موضع آخر من أنّ الاستناد في الرواية كما يكون إلى الحسّ كذلك قد يكون إلى الحدس ، كما في المكاتبة والوجادة ، فبطل دعوى اختصاصها بالنوع الأوّل أي ما يستند إلى الحسّ ـ انتهى ـ (٥) وحاصله أنّ جملة ما هو مشمول الآية بتسليم الخصم حدسي كالوجادة مثلا ، فإنّ الراوي الثاني بوجدانه الحديث في كتاب الراوي الأوّل ينبئ عنه ذلك الحديث ، مع أنّه لم يسمع منه ، بل علم بكونه روايته من العلم بكون الكتاب بخطّه ، وأنّه لا يودع في الكتاب إلّا ما سمعه من الإمام ، فكأنّه حكى قوله (عليهالسلام) ولا يخفى أنّ الامور المذكورة مستند الراوي الثاني وهي أمور حدسيّة وهكذا يكون بعينه الرواية المستند إلى إجازة الراوي الأوّل رواية كتابه للراوي الثاني ، وكذا نقل الأوّل مضمون كلام الإمام بالمعنى إلى غير ذلك من الموارد الإخبار عن حدس.
وبالجملة أنّا لا نشكّ بملاحظة ما ذكر وغيره في عدم الفرق بين الإخبار عن حسّ وعن حدس على تقدير ثبوت حجّية الخبر بأحد الأدلّة المعهودة الآتية في محلّها هذا.
ولكن المصنّف أعرض عن عدم شمول النبأ للإخبار عن حدس وضعا أو انصرافا
__________________
(١) البقرة : ١٠٥
(٢) الحجر : ٤٩
(٣) الانعام : ١٤٣
(٤) الفصول : ٢٥٩
(٥) الفصول : ٢٥٩