العلماء وأصحاب الأئمّة بالعمل بالظواهر التي قد حصل أو احتمل أو ظنّ فيها الاختلالات المذكورة أو بعضها بحيث لم ينكره أحد ، لكن يبقى شيء وهو أنه لم يعلم أنّ عملهم كان من باب الظنّ الخاصّ الذى نحن بصدد إثباته بل لعلّه كان من باب الظنّ المطلق الذي يدّعيه المفصل هذا ، مع أنّه يمكن أن يقال : إن عملهم كان من جهة حصول القطع لهم من ظواهر الأخبار غالبا ، لأنّهم كانوا يسمعونها من الإمام مشافهة أو بوسائط قليلة ، ويشهد بذلك أنّا نجد من أنفسنا حصول القطع بالمراد في محاورة بعضنا بعضا غالبا إن لم يكن دائما والألفاظ التي تستعملها كألفاظهم يمكن فيها المجاز والتقييد والتخصيص حتّى أنّ احتمالنا لإرادة خلاف الظاهر في غاية الندرة ، ومع ذلك كلّه فالاعتماد بالإجماع والسيرة المزبورين على أنّ الظواهر الظنّية كانت حجّة عند المجمعين من باب الظنّ الخاصّ ويستكشف من ذلك رضا الإمام (عليهالسلام) بذلك ، مشكل اللهمّ إلّا أن يقال : إنّ حصول القطع لهم في جميع الظواهر غير معلوم ، بل معلوم العدم ، ولم يكن باب العلم منسدّا عليهم بالنسبة إلى الباقي ، لأنّه كان يمكنهم تكرار السؤال حتّى يحصل لهم القطع بالحكم ، ولكن كان سيرتهم مع هذا الحال العمل بالظواهر الظنيّة وكان أئمّتهم (عليهمالسلام) مع علمهم بالحال يقرّرونهم على ذلك ، بل ربما يأمرونهم به بمثل خذوا معالم دينكم من فلان وفلان ويكشف ذلك عن جواز عملهم بالظواهر التي سنح فيها بعض الاختلال ، وذلك يكفينا في إثبات حجّية الظواهر بالخصوص.
٢٦٤ ـ قوله : وإن قلنا بشمول الخطاب للغائبين لعدم جريان أصالة عدم الغفلة في حقّهم مطلقا. (ص ٧٠)
أقول : أيّ مانع من جريان أصالة عدم الغفلة في حقّ الغائبين لو كانوا مخاطبين ومقصودين بالإفهام بعد وجودهم ووصول الخطاب إليهم بل لعلّهم أولى بعدم الغفلة عن مدلول الكلام ، لمكان سعيهم وبذل وسعهم وكثرة اجتهادهم في فهم مداليل