ثبوت الحقيقة الشرعيّة في لفظ الطهارة ، وقد يقال إنّ يطّهرن بالتشديد أيضا بمعنى النقاء ، ولعلّ ذلك بناء على مجيء تفعّل بمعنى فعل ، وعليهما ينتفى الثمرة ، ولكنهما خلاف الظاهر.
ولكن يمكن أن يقال بعد تسليم أن يطّهرن بالتشديد بمعنى الاغتسال وبالتخفيف بمعنى النقاء ، أنّ مفاد الآية استمرار حرمة المقاربة إلى زمان الاغتسال ، أمّا على قراءة التشديد فظاهر ومسلّم ، وأمّا على قراءة التخفيف ، فلأنّ تعقّبه بقوله (فَإِذا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَ)(١) قرينة على أنّ الغاية ليس مجرّد الطهارة ، بل هي مع التطهّر ، إمّا لأجل أنّ القضيّة الثانية تصريح بمفهوم القضيّة الاولى فما سوى مدلول القضيّة الثانية منطوق الاولى ، وإمّا لأجل ظهور القضيّتين بنفسهما أو بضميمة مقام بيان الحكم في عدم الواسطة بين موضوعيهما ، وفهم العرف في نظائره يساعد على ما ذكرنا ، مثلا لو قيل : لا تكرم زيدا حتى يأتيك فإذا سلّم عليكم فأكرمه ، يفهم منه أنّ غاية النهي أمران : الإتيان والسلام ، فكأنّه قال : حتّى يأتيك ويسلّم عليك فإذا أتاك وسلّم عليك فأكرمه.
٢٤٩ ـ قوله : إمّا أن نقول بتواتر القراءات كلّها كما في المشهور. (ص ٦٦)
أقول : الظاهر أنّه أراد قراءات السبعة ، وإن قيل بتواتر القراءات العشرة (٢) ، ولعمري أن قضيّة تواتر القراءات أمر مريب في الغاية من جهة اشتهاره بمثابة لم ينقل الخلاف من السابقين إلّا من الزمخشري (٣) وابن الحاجب (٤) وعلي بن طاوس (٥) ، وأنّ ما ذكره المحدّث الجزائري (٦) وتبعه جمع كثير ممّن تأخّر عنه في تضعيفه ظاهر الورود ، ولنذكر شطرا منه على ما حكاه السيّد الصدر (٧) في شرح الوافية وارتضاه ، و
__________________
(١)
(٢) راجع كتاب النشر في القراءات العشر
(٣) صاحب الكشاف
(٤) المتوفى : ٦٤٦
(٥) صاحب الاقبال
(٦) صاحب الانوار النعمانية
(٧) القمّى