فيها من كون مفادها سلب الربط فتلخص ان الالتزام بأنه لا بد لكل علم من موضوع جامع بين موضوعات المسائل ثم الالتزام بأنه لا بد من البحث عن عوارضه الذاتيّة ثم ارتكاب تكلفات غير تامة لتصحيحه والذهاب إلى استطراد كثير من المباحث المهمة التي تقضى الضرورة بكونها من العلم مما لا أرى وجها صحيحا له ولا قام به برهان بل البرهان على خلافه
في تمايز العلوم
كما ان منشأ وحدة العلوم انما هو تسانخ القضايا المتشتتة التي يناسب بعضها بعضا فهذه السنخية والتناسب موجودة في جوهر تلك القضايا وحقيقتها ولا تحتاج إلى التعليل «كذلك» تمايز العلوم واختلاف بعضها يكون بذاتها فقضايا كل علم مختلفة ومتميزة بذواتها عن قضايا علم آخر من دون حاجة إلى التكلفات الباردة اللازمة من كون التميز بالموضوع وقد عرفت عدم الحاجة إلى نفس الموضوع فضلا عن كون التميز به ، أو كون التميز بالأغراض وهو أيضا سخيف إذ الغرض سواء كان غرض التدوين أم التعلم متأخر عن نفس المسائل ، إذ هي فوائد مترتبة عليها فيكون التميز بنفس المسائل في الرتبة السابقة! وعليك بالاختبار أترى التناسب الواقع بين مرفوعية الفاعل ومنصوبية المفعول موجودا بين واحد منها وبين المسائل الرياضية أو العقلية وهكذا مباحث سائر العلوم التي بأيدينا فنرى جهة التوحد والتميز هو تسانخ القضايا وتمايزها بالطبع! وتداخل العلوم في بعض المسائل لا يوجب ان يكون التميز بالأغراض ، إذ كل علم مركب من قضايا كثيرة وأكثر مسائله ممتاز غير متداخل فيه ولكنه في بعضها ولعله القليل متحد ومتداخل ، وعليه فهذا المركب بما انه مركب وواحد اعتباري مختلف ومتميز أيضا بذاته عن غيره ، لاختلاف أكثر اجزاء هذا المركب مع اجزاء ذاك المركب وان اتحد في بعض ، ولكن النّظر إلى المركب بنظر التركب والمركب بما هو كذلك ممتاز عن غيره ، وان اشترك معه في بعض الاجزاء.
وبذلك يتضح ان أكثر المباحث العقلية أو اللفظية التي يكون البحث فيها أعم لا بأس بان يعد من المسائل الأصولية إذا اشترك مع سائر مسائل الأصولي في الخصوصية التي بها عدت علما واحدا فالمسألة المتداخلة قضية واحدة لها سنخية مع هذا المركب وذلك المؤلف ويكون أدبية لحصول ما يبتغيه الأديب من تأسيس قاعدة لفهم كلام العرب