في أمثالها بإنشاء الهوهوية ـ (وأخرى) بإيجاد الإضافة والكون الرابط كما في قوله : من رد ضالتي فله هذا الدينار المعين فينشأ الكون الرابط أعني كون الدينار له ـ و (ثالثة) بإنشاء ماهية ذات إضافة إلى متضايفاتها كالبيع والإجارة ـ و (رابعة) بإنشاء كون شيء على عهدته كما في النذر والعهد ـ والنّظر في جميع هذه الأقسام وان كان إلى تحقق ما هو مدار الأثر إلّا ان اعتبار الهوهوية وإنشائها يغاير في عالم الاعتبار مفهوما مع اعتبار آخر غيره ، من إنشاء ماهية ذات إضافة أو شبهها ـ هذا واما الضرب الثاني فتوضيح مفاد هيئاتها سيوافيك إن شاء الله في محله.
في ألفاظ الإشارة وأخواتها
انك إذا راجعت وجدانك وأخفيت الحقيقة من موارد استعمال الألفاظ الإشارة وأخواتها ، تجدان ما زعمه القوم من الأدباء وغيرهم في توضيح معانيها بعيد عن الصواب وغير خال عن التعسف ـ إذ هم قائلون بان لفظة «هذا» مثلا موضوعة لنفس المشار إليه أعني المفرد المذكر وان كان بعض تعبيراتهم أيضا يناسب ما اخترناه ، وكذلك الضمائر الغائبة فانها عندهم لافراد الغائب على اختلافها ، فعليه يكون مفادها معان اسمية مستقلة.
هذا ولكن التحقيق انها موضوعة لنفس الإشارة ، أعني لإيجادها ، اما إلى الحاضر كما في ألفاظ الإشارة ، أو إلى الغائب كما في بعض الضمائر ـ فعليه لا يكون المشار إليه داخلا في معناه رأسا بل تمام الموضوع له فيها ليس إلّا نفس الإشارة ، وإحضار المشار إليه في ذهن السامع على اختلاف في المتعلق ، تبعي كإحضاره بإشارة الأخرس من غير ان يكون دخيلا في الموضوع له فالإشارة إلى الحاضر لا تتوقف الا على حضور المشار إليه حقيقتا وحكما ، كما ان الإشارة إلى الغائب تحتاج إلى كونه معهودا أو مذكورا من قبل حتى يمكن الإشارة إليه ـ وعلى هذا فيندرج تلك الألفاظ برمتها في باب الحروف وتنسلك في عداد مفاهيمها من حيث عدم الاستقلال مفهوما ووجودا.
والدليل عليه مضافا إلى ان العرف ببابك ، انك لا تجد فرقا في إحضار الموضوع بين الإشارة إليه بالإصبع وبين ذكر اسم الإشارة المناسب ، بل ربما يقوم أحدهما مقام الآخر عند عدم التمكن منه كما في إشارة الأخرس ، فترى ان الجميع بميزان واحد ، آلة لإيجاد الإشارة من غير فرق بينها ، غاية الأمر انه يترتب عليه إحضار المشار إليه في