يكون عاصيا فيما بعد ، مبعوث فعلا نحو ذاك وذلك ، وهو غير قادر على ذلك وذاك معا ، ومجرد اختلاف العنوانين وطولية موضوع الأمرين لا يدفع طلب الجمع ألا ترى ان عنوان المطيع أيضا مؤخر عن الأمر فلو جعل شرطا يكون مقدما على أمر المهم فيصير أمر الأهم مقدما عليه برتبتين ومع ذلك لا يدفع به طلب جمع الضدين (والحاصل) ان العصيان التصوري الانتزاعي مع وجوده عند فعلية الأهم ، وان كان لا يوجب خروج الواجب المشروط مما كان عليه لما عرفت إلّا ان حصول الشرط يوجب انتزاع الوجوب الفعلي عنه والبعث الفعلي نحو المأمور به بلا حالة انتظارية و (ح) يكون الشرط الانتزاعي أعني الّذي يعصى بمنزلة سائر العناوين كطلوع الشمس ومجيء الحاج إذا فرضنا انه طلعت الشمس وقدم الحاج فلا يشك ذو مسكة في ان هذا إيجاب للجمع
وبذلك يتضح ان التقدم الرتبي ليس مناطا ، لدفع التضاد ، بل المناط سقوط أحد الأمرين كما في العصيان الخارجي إذا جعل شرطا مع عدم تأخره عن أمر الأهم رتبة كما مر ، ولكن يدفع معه التضاد لا للتقدم الرتبي بل لعدم اجتماع الأمرين الفعليين ، لما عرفت من ان العصيان الخارجي يوجب سقوط أمر الأهم وثبوت أمر المهم ، وهذا هو تمام الموضوع والمناط لرفع التضاد وطلب الجمع وبذلك ينهدم أساس الترتب ويتضح حال سائر العناوين المساوقة لهذا الأمر الانتزاعي فتحصل من جميع ما ذكرناه ان ما يدفع به التضاد وطلب الجمع خارج من أساس الترتب رأسا
فان قلت ان المكلف لو جمع بين الأهم والمهم لم يقعا على صفة المطلوبية وهذا آية عدم الأمر بالجمع (قلت) ان الّذي يعصى يمتنع عليه الجمع للزوم اجتماع النقيضين وإلّا فلو فرض جواز الجمع بمعنى ان العاصي مع كونه عاصيا أتى بالأهم ، يقع كل منهما على صفة المطلوبية ، لأن الّذي يعصى مع كونه عاصيا في ظرفه ، مطلوب منه الإتيان بالأهم ، لعدم سقوط امره بالضرورة ما لم يتحقق العصيان خارجا والفرض ان شرط المهم حاصل أيضا فيكون مطلوبا
وبما ذكرناه يظهر الخلل في الوجوه التي استدل بها على ان الخطابين المرتبين لا يقتضيان إيجاب الجمع من ان خطاب الأهم من علل عدم خطاب المهم فلو اجتمعا لزم اجتماع الشيء مع علة عدمه ومن ان مطلوبية المهم انما يكون في ظرف عصيان الأهم فلو فرض وقوعه