أخرى ، فلا يتصور لانكشاف الخلاف هاهنا معنى ، و (بعبارة أوضح) انه بعد التصرف في مدلول الشرط في ظرف الشك بجعله أعم من الطهارة الواقعية لا يتصور لانكشاف الخلاف معنى معقول ، لأنه ان كان المراد من انكشافه هو انه بعد حصول العلم بالنجاسة يستكشف ان ما حكمناه معتضدا بفهم العرف من كون الشرط في الصلاة أعم من الطهارة الواقعية ، لم يكن هذا الحكم صحيحا ، فهو ساقط جدا لا يستأهل للجواب ، وان كان المراد منه ان أدلة النجاسة تقتضي نجاسة المحكوم فيما بعد وفيما قبل ، فهو حق لكن لا يضرنا ، إذ قاعدة الطهارة ليست حاكمة على أدلة النجاسات بضرورة الفقه بل على أدلة الشرائط والاجزاء ، فاغتنم فانى به زعيم والله به عليم.
وبذلك يظهر الكلام في أصالة الحل فان قوله عليهالسلام كل شيء فيه حلال وحرام فهو لك حلال حتى تعرف الحرام منه بعينه ، حاكم على ما دل على عدم جواز الصلاة في محرم الأكل ، ومعنى الحكومة على أدلة الشروط هنا ، هو ان العرف بعد ما فهم ان المشكوك محكوم بالحلية تكليفا ووضعا ، ينتقل لا محالة إلى ان الوظيفة في هذا الحال إتيان الصلاة بهذه الكيفية ، وان الشرط بعد هذا الحكم أعم من الحلية الواقعية والظاهرية فيكون المأتي به كذلك مصداقا للمأمور به حقيقة بعناية التعبد ، ومعه لا يعقل بقاء الأمر المتعلق بطبيعة الصلاة ، و (حديث كشف الخلاف) قد عرفت جوابه.
ثم ان بعض الأعاظم رحمهالله أورد على الحكومة إشكالات «منها» ان ذلك انما يتم ما دام المكلف شاكا وبعد ارتفاع شكه لا معنى لإجزائه لارتفاع ما كان عذرا له ، و (فيه) ان الحكم بطهارة المحكوم ليس عذريا حتى يرتفع بارتفاع عذره ، بل على فرض حكومته لأدلة الشروط ، حكم حقيقي صادر لأجل توسيع الأمر على المكلفين وافهام ان المطلوب منها هو الأعم لا الطهارة الواقعية فقط و «منها» ان وجود الحكم الظاهري لا بد وان يكون مفروغا عنه حين الحكم بعموم الشرط للواقعي والظاهري ، ومن الواضح ان المتكفل لإثبات الحكم الظاهري ليس إلا نفس دليل القاعدة فكيف يمكن ان يكون هو المتكفل لأعمية الشرط و (فيه) ان الحكومة لم يرد فيها نصّ حتى نتحرى في مغزاها ، بل هي من خصوصيات لسان الدليل يفهمها أهل المحاورة ، فلو قال الشارع المشكوك طاهر يرى العرف المتوجه إلى أحكام الشريعة ونسكها وشروطها ، حكومة هذا الدليل وتقدمه على أدلة الشروط