فلو أخذ في العمل الّذي هو في سلسلة المعاليل يلزم ان يكون الشيء علة لعلة نفسه فإذا امتنع تعلق الإرادة التكوينية امتنع تعلق التشريعية لأنها فرع إمكان الأول.
ولك ان تذب عن الأول ببعض ما قدمناه في قصد الأمر (أضف إليه) انه يمكن ان يقال ان للصلاة مصلحة بنحو الجزء الموضوعي ولما رأى المكلف ان قصدها متمم للمصلحة «فحينئذ» لا محالة تصير داعية إلى إتيانها بداعي المصلحة من غير لزوم كون الداعي داعيا.
وبذلك يتضح قطع الدور فان قصد المصلحة التي هي جزء الموضوع يتوقف عليها وهي لا تتوقف على القصد ، وبما ان المكلف شاعر بان هذا لقصد موجب لتمامية الموضوع وحصول الغرض ، فلا محالة تصير داعيا إلى إتيان الفعل قاصدا «نعم» لا يمكن قصد تلك المصلحة مجردة ومنفكة عن الجزء المتمم ، وفيما نحن فيه لا يمكن التفكيك بينهما.
واما الجواب عن الثالث فبمثل ما سبق من ان الداعي والمحرك إلى إتيان المأمور به بعض المبادي الموجودة في نفس المكلف كالحب والخوف والطمع : وتصير تلك المبادي داعية إلى طاعة المولى بأي نحو امر وشاء ، فإذا امر بإتيان الصلاة بداعي المصلحة تصير تلك المبادي المتقدمة داعية إلى إتيانها بداعي المصلحة من غير لزوم تأثير الشيء في علته ألا ترى انك إذا أحببت شخصا جليلا حبا شديدا فأمرك بإتيان مبغوض لك تجد في نفسك داعيا إلى إتيانه لأجل حبه وإرادة طاعته وطلب مرضاته من غير لزوم الدور.
الثالث انك قد عرفت بما لا مزيد عليه إمكان أخذ قصد الأمر والامتثال أو غيره من قصد المصلحة والمحبوبية في المتعلق ، فعليه يقع هذه العناوين في عرض سائر الاجزاء والشرائط من المؤثرات في الغرض فيجب على المولى بيان تلك الأمور لو كان واحد منها دخيلا في الغرض فلو أحرزنا كونه في مقام بيان ما هو تمام الموضوع لحكمه ومع ذلك لم يظهر في خلال بيانه من هذه العناوين عين ولا أثر ، يستكشف عدم دخالتها في الغرض المطلوب.
«فان قلت» ان التمسك بالإطلاق انما يصح إذا كان كل من وضع القيد ورفعه بيد الأمر ، ولكن باعثية الأمر وداعويته إلى المتعلق لازم ذاتي لا تنفك عنه ، ولا عن متعلقه اما عن الأمر فواضح واما عن المتعلق لأن الداعي إلى الأمر بالشيء هو جعل الداعي إلى الإتيان به فمتعلق الأمر هو طبيعة الفعل التي جعل المولى داعيا للعبد إلى الإتيان بها لا مطلق