في التعبدي والتوصلي
(المبحث الرابع) في التعبدي والتوصلي ، وفيه بيان مقتضى الأصل ولنقدم أمورا (الأول) في معنى التعبدية والتوصلية ربما يقال في تعريف الأولى بأنها عبارة عن الوظيفة التي شرعت لأجل ان يتعبد بها العبد لربه ويظهر عبوديته ، وهي المعبر عنها في الفارسية (پرستش) ويقابلها التوصلية وهي ما لم يكن تشريعه لأجل إظهار العبودية.
(قلت) يظهر ما فيه من الخلل وكذا في غيره من التعاريف بتوضيح أقسام الواجبات فنقول (منها) ما يكون الغرض من البعث إليه صرف وجوده بأي نحو حصل وكيف ما تحقق كستر العورة وإنقاذ الغريق و «منها» ما لا يحصل الغاية منها إلّا بقصد عنوانه وان لم يكن بداعي التعبد والتقرب كرد السلام والنكاح والبيع «ومنها» ما لا يحصل الغرض بقصد عنوانه بل يحتاج إلى خصوصية زائدة من الإتيان به متقربا إلى الله تعالى وهذا على قسمين أحدهما ما ينطبق عليه عنوان العبودية لله تعالى ، بحيث يعد العمل منه للرب عبودية له ويعبر عنه في لغة الفرس ب (پرستش) كالصلاة والاعتكاف والحج «وثانيهما» ما لا يعد نفس العمل تعبدا أو عبودية وان كان قربيا لا يسقط امره إلّا بقصد الطاعة كالزكاة والخمس ، وهذان الأخيران وان كان يعتبر فيهما قصد التقرب لكن لا يلزم ان يكونا عبادة بالمعنى المساوق ب (پرستش) إذ كل فعل قربي ، لا ينطبق عليه عنوان العبودية.
فإطاعة الولد لوالده والرعايا للملك ، لا تعد عبودية لهما بل طاعة كما ان ستر العورة بقصد امتثال الأمر ، وإنقاذ الغريق ، كذلك ليسا عبودية له تعالى بل طاعة لأمره وبعثه ، و «ح» يستبدل التقسيم الثنائي إلى الثلاثي فيقال : الواجب اما توصلي أو تقربي والأخير اما تعبدي أو غير تعبدي ، التعبدي ما يؤتى به لأجل عبودية الله تعالى والثناء عليه بالعبودية كالصلاة وأشباههما ، ولأجل ذلك لا يجوز الإتيان بعمل بعنوان التعبد لغيره تعالى إذ لا معبود سواه ، لكن يجوز إطاعة الغير متقربا إليه ، وغير التعبدي من التقربي ما يؤتى به إطاعة له تعالى ، لا ثناء عليه بالمعبودية فإذا يكون المراد من التعبدي في المقام هو الواجب التقربي بالمعنى الأعم الشامل لكلا القسمين ، إذ مدار البحث ما يحتاج سقوط امره إلى قصد الطاعة سواء أتى به بقصد التقرب متعبدا به لربه أم بعزم التقرب فقط ، فالأولى دفعا للالتباس حذف عنوان التعبدية وإقامة التقرب موضعها ، فظهر ان الّذي يقابل التوصلي هو