ألا أيها الليل الطويل ألا انجل |
|
بصبح وما الإصباح منك بأمثل |
وبه تتضح مشكلة أخرى وهي ان الاستفهام والترجي والتمني التي استعملت في الذّكر الحكيم ، لو بقيت على حالها لاستلزمت النقص والجهل والعجز في ذاته ، تعالى عن العيوب والنقائص ، و (حلها) ان الكلمات الموضوعة لإنشاء تلك المعاني كلها مستعملة فيما وضعت له لأجل الانتقال إلى معنى آخر حسب مناسبة الموارد والمقامات (١)
في ان الهيئة هل تدل على الوجوب أولا
(الثالث) بعد ما عرفت ان الهيئة وضعت للبعث والإغراء يقع الكلام في انها هل وضعت للبعث الوجوبيّ أو الاستحبابي أو القدر المشترك بينهما أو لهما على سبيل الاشتراك اللفظي ، فلنقدم لتحقيقه أمورا.
الأول إذا راجعت وجدانك تعرف ان المصالح والغايات المطلوبة لها دخل تام في قوة الإرادة وضعفها ، كيف لا وان الإرادة المحركة لعضلاته لإنجاء نفسه من الهلكة أقوى من الإرادة المحركة لها نحو لقاء صديقه وهي أقوى من المحركة لها للتفريح والتفرج.
ويمكن ان يستكشف مراتب الإرادة واختلافها شدة وضعفا عن تحريك العضلات سرعة وبطءا ، فظهر أن إدراك أهمية المصالح واختلاف الاشتياقات علة لاختلاف الإرادة في الشدة والضعف والتوسط بينهما ، كما ان اختلاف الإرادة علة لاختلاف حركة العضلات سرعة وبطءا وقوة وضعفا كل ذلك مع الإقرار بان الإرادة من صقع النّفس وفاعليتها (ومن
__________________
(١) ان القوم فتحوا هنا بابا واسعا للبحث عن مسألة اتحاد الطلب والإرادة ، حتى جر البحث مقالهم إلى التحقيق عن مسألة الجبر والتفويض ، التي قلما يتفق لإنسان ان يكشف. مغزاها. وقد ألح رواد العلم وعشاق الحقيقة على سيدنا الأستاذ (دام ظله الوارف) ان يخوض في هذه المباحث ، فأجاب (دام ظله) مسئولهم ، فأتى بأفكار أبكار ، وآراء ناضجة ، ولما جاء ما أفاده على صورة كتاب ، أفردناه للتأليف وعلقت عليه ما بدا لي من التعمق في آيات الذّكر الحكيم ومن التدبر في اخبار المعصومين ، عليهمالسلام مشفوعا بما استفدته من أساتذة الفن ، أو وقفت عليه في زبر الأولين ورسائل الآخرين من أكابر القوم وسميته به (لب الأثر) في الجبر والقدر ، وسيشمل للطبع بإذنه وتوفيقه تعالى المؤلف.