وأخذت قوتهم وقدرتهم وصولتهم تزيد شيئا فشيئا ، وبدأت دولتهم القوية تتسع يوما بعد يوم ، وتغلبوا على الملاك المعاصرين والسلاطين ، وتقدموا فى ميادين الفنون والصنائع والعلوم تقدما عظيما ، وإن الآثار الجليلة التى تركوها لتدل على أنهم أرادوا أن يوصلوا ملتهم وأقوامهم فى سلم المعرفة والمدنية إلى الدرجة الأولى ، لذلك بذلوا كل ما فى وسعهم حتى يصلوا إلى المراتب القصوى فى ميادين الفنون والعلوم والكشوف والاختراعات.
المدارس التى أسست فى بغداد ، والمعاهد التى فتحت فى الأندلس وما بذل من الجهود فى سبيل التقدم فى العلوم والفنون يعلن كيف خدم العرب الفكر ، وكل هذه الجهود من المباحث التى تزين صفحات التاريخ المنيرة وتوشحها.
ولكن لشدة الأسف فترت هممهم مع مرور الزمن ، وأخذ الأوربيون يطورون العلوم والفنون التى تعلموها منهم ، وأوصلوها إلى درجة عظمى نتيجة لسعيهم وحرصهم على العمل.
أهل المدر
النوع الأول من سكان جزيرة العرب هم الذين يطلق عليهم أهل المدر والذين يعرفون فيما بينهم ب «حضرى ـ بلدى» ويسكنون فى المدن والقرى ويعملون ـ على قدر ما يساعد مناخ بلدهم واستعدادهم ـ بالزراعة وتربية أشجار النخيل والعناية بالحدائق والبساتين ، ويبذلون جهودهم لتأمين معيشتهم بما ينتجون من محاصيل ، كما أنهم يؤمنون معيشتهم من جهة أخرى بالتجارة مع سكان البلاد المجاورة ، فيسافرون إلى البلاد التى يرغبون فى الذهاب إليها ، ويعرضون خضوعهم للملوك والأمراء والسلاطين الذين يتبعون لهم ، كما أنهم يبذلون السعى والجهود لاكتساب المهارات والمعارف والفنون على قدر طاقاتهم ليوسعوا دائرة معيشتهم ، وليصلوا إلى درجة من الثروة والغنى واليسار.
أهل الوبر
النوع الثانى من العرب هم العربان والبدو أى «أهل الوبر» وهم عرب البدو