بناء على هذا ، فإن النار الموقدة منذ أربعين يوما أصبحت بأمر الله روضة أزهار يانعة ، تنعش الروح ، وتأسر القلب بمقتضى الخطاب الكريم الجليل.
((يا نارُ كُونِي بَرْداً وَسَلاماً عَلى إِبْراهِيمَ)) (الأنبياء : ٦٩) وبالخطاب الإلهى تحول داخل المحرقة إلى عالم آخر ، وانقلبت نار النمرود إلى هواء عليل ، وفقدت النار قوة إحراقها وإن بقى لهيبها عاليا. وتفجر داخل هذه المحرقة التى تشبه جهنم ماء عذب بارد ، ونبتت فى جهاتها الأربعة فصائل الأزهار المختلفة الألوان وتزينت بكل أنواع الرياحين. وخلق ملك ، له شكل وصفات سيدنا إبراهيم ـ عليه التحية والتعظيم وأخذ يؤنسه بالتحدث معه.
(شمس التبريزى).
ذكرها الخليل محبورا |
|
وأصبحت نار الخليل كلها |
النسرين حمراء كالورد |
|
لخليل رب الوجود |
إذا جال التساؤل الآتى بالخاطر ما الحكمة من امتحان الله تعالى نبيه إبراهيم بإلقائه فى نار النمرود؟! مع أنه خليله؟ بينما لم يمتحن مخلوق قط ، حتى زمن إبراهيم بإلقائه فى النار؟! يكون الجواب.
إن إبراهيم ـ عليه السلام ـ كان يخاف من نار جهنم خوفا شديدا ، وأراد الله سبحانه وتعالى أن يبين أن النار لا تستطيع أن تضر أحدا إلا بإذنه ، لذا ابتلاه بإلقائه فى النار.
(بدايع الزهور).
بعد هذه الواقعة بأربعين يوما ، كانت النار التى انشغل النمرود بإيقادها مدة طويلة يراها من نافذة قصره المنيف وقد أصبحت روضة من بساط أخضر ، وصحراء تبهج القلب وتسعد الفؤاد ، مزينة بزهور النسرين الندية ، وكان سيدنا إبراهيم يجلس على حافة المياه التى تجرى داخل روضة الأزهار النادرة ، والحديقة