ولما بلغت النار عابد الرحمن |
|
أصبحت روضة تبدو سعيرا للعيان |
وفى أثناء وضع سيدنا إبراهيم على كفة المنجنيق لإلقائه فى النار ، أجهش ساكنو الملأ الأعلى بالبكاء وكذلك العالم الأسفل ، ودعوا الله قائلين :
«يا مالك الملك على الإطلاق ، إن أعداءك يلقون بحضرة الخليل فى النار ، فبعد هذا لن يبقى على وجه الأرض من يعبدك ، لأنه لا يعترف بوحدة وجودك ـ على الأرض ـ سوى سيدنا إبراهيم ، فإذا أذنت فإننا ننصره» بلغ طنين النداء عنان قبة السماء والأفلاك واسودت طبقات أعتاب السماء وأضحت مثل لون الأرض ولكن الخطاب الإلهى دوى : (إبراهيم خليلى ، وليس لى خليل سواه وأنا ربه وليس له رب سواى فإذا طلب منكم النصرة فساعدوه ، فقد أذنت لكم. ولكننى متأكد بأنه لن يدعو سواى) وهكذا سعى الكل إلى عرض نصرته وعونه لسيدنا إبراهيم بصورة ما ، فأجابهم سيدنا إبراهيم : «حسبى الله ونعم الوكيل».
فأصبحوا فى حزن وهم وقد سمعوا هذا الجواب من إبراهيم. وفى أثناء إلقاء الخليل فى النار كان يردد :
«لا إله إلا أنت ، لك الحمد ولك الملك لا شريك لك»
فانصهرت السلاسل الحديدية التى كبلت جسمه النبوى المغمور بالنور وسقطت على الأرض ، من شدة حرارة لهيب النار التى لم تستطع أن تؤثر فى جسمه الميمون ـ عليه التعظيم وفى وقت إلقائه فى النار ـ ظهر جبريل الأمين وخاطبه قائلا : يا إبراهيم ، إذا كان لديك طلب منى فقله ، فالوقت قد ضاق فأجابه قائلا : لقد وجهت وجهى إلى واهب الآمال الذى هو قبلة المحتاجين فى العالم ولا حاجة لدى أعرضها عليك فقال : إذا كان الأمر كذلك فاعرض ما فى ضميرك لكى تنال مرامك ، فأجاب إبراهيم عليه السلام : إننى أعتبر الدعاء فى هذه الحالة سماجة ، فعلم الله بحالى يغنى عن سؤالى.