وقال الضحاك والسدي : هي مكية (١). وليس بشيء ؛ لأنك إذا تصفحت آياتها وجدتها مفسدة لهذا القول ، شاهدة ببطلانه ، وغير ممتنع أن تشتمل على آيات مكية ، لكن إطلاق القول بنزولها كلها بمكة خطأ.
(الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ أَضَلَّ أَعْمالَهُمْ (١) وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَآمَنُوا بِما نُزِّلَ عَلى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بالَهُمْ (٢) ذلِكَ بِأَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا اتَّبَعُوا الْباطِلَ وَأَنَّ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّبَعُوا الْحَقَّ مِنْ رَبِّهِمْ كَذلِكَ يَضْرِبُ اللهُ لِلنَّاسِ أَمْثالَهُمْ)(٣)
قال الله تعالى : (الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ) أي : أعرضوا عن دين الإسلام ، أو صدّوا الناس عنه.
قال ابن عباس : هم المطعمون يوم بدر (٢).
وقيل : هم أهل الكتاب.
وقيل : بالعموم. وهو الصحيح.
(أَضَلَّ أَعْمالَهُمْ) أبطلها وأحبطها. وأعمال المشركين ما كانوا ينتحلونه من مكارم الأخلاق ، ويتمسكون به من بقايا دين إبراهيم وإسماعيل ؛ كصلة الأرحام ، وفك الأسارى ، وقرى الضيف ، وحفظ الجوار ، ورعي الذّمام.
وقيل : أضلّ أعمالهم التي أبرموها في نقض أمر النبي صلىاللهعليهوسلم ، وليس بشيء ؛ لقوله
__________________
(١) انظر : زاد المسير (٧ / ٣٩٥) ، وكذلك حكى النسفي هذا القول الغريب في تفسيره (٤ / ١٤٤).
(٢) ذكره القرطبي في تفسيره (١٦ / ٢٢٣).