وقال الفراء (١) : من أين كذبوك ولم يأتهم كتاب ولا نذير بهذا الذي فعلوه.
(وَكَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَما بَلَغُوا مِعْشارَ) أي : وما بلغ هؤلاء معشار ما آتينا أولئك ، والمعشار والعشر والعشير بمعنى.
وقيل : المعشار : عشر العشر ، وقيل : عشر العشير ، والعشير : عشر العشر.
قال الماوردي (٢) : وهو الأظهر ؛ لأن المراد به المبالغة في التقليل.
والمعنى : وما بلغوا معشار ما آتيناهم من طول الأعمار واشتداد القوى وكثرة الأموال. هذا معنى قول ابن عباس (٣).
وقال الحسن : ما عملوا معشار ما أمروا به (٤).
(فَكَذَّبُوا رُسُلِي) المعنى : فأخذناهم ولم يغن عنهم ما كانوا فيه ، فكيف بهؤلاء؟
(فَكَيْفَ كانَ نَكِيرِ) النكير : اسم بمعنى الإنكار.
(قُلْ إِنَّما أَعِظُكُمْ بِواحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنى وَفُرادى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا ما بِصاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلاَّ نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذابٍ شَدِيدٍ)(٤٦)
قوله تعالى : (قُلْ إِنَّما أَعِظُكُمْ بِواحِدَةٍ) أي : إنما آمركم وأوصيكم بخصلة واحدة ، ثم فسّرها بقوله تعالى : (أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ) وليس المراد به المثول على الأقدام ،
__________________
(١) معاني الفراء (٢ / ٣٦٤).
(٢) تفسير الماوردي (٤ / ٤٥٥).
(٣) أخرجه الطبري (٢٢ / ١٠٣ ـ ١٠٤) ، وابن أبي حاتم (١٠ / ٣١٦٨) بمعناه. وذكره السيوطي في الدر (٦ / ٧٠٩) وعزاه لابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم ، بمعناه.
(٤) ذكره الماوردي (٤ / ٤٥٥).