(هُوَ اجْتَباكُمْ) اختاركم لدينه ، (وَما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ) أي : من ضيق ، بل وسّع عليكم وسهّل لكم السّبل التي ضيّقها على بني إسرائيل ، على ما ذكرناه في سورة الأعراف. وهذا معنى قول ابن عباس (١).
وقال مقاتل (٢) : يعني : الرّخص عند الضرورة ؛ كالقصر ، والتيمم ، وأكل الميتة ، والإفطار في المرض والسفر.
وقيل : ما جعل عليكم في الدين من حرج بل فتح لكم باب التوبة.
(مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْراهِيمَ) قال الأخفش والفراء والمبرد والزجاج (٣) : المعنى : عليكم ملة أبيكم إبراهيم.
وقيل : النصب على الاختصاص ، تقديره : أعني بالدين ملة أبيكم (٤).
قال الإمام أبو الفرج ابن الجوزي رحمهالله (٥) : إن قيل : هذا الخطاب للمسلمين وليس إبراهيم أبا لكلهم؟
فالجواب : أنه [إن](٦) كان خطابا عاما للمسلمين ، فهو كالأب لهم ؛ لأن حرمته وحقه عليهم كحق الوالد. وإن كان خطابا للعرب خاصة ؛ فإبراهيم أبو العرب قاطبة. هذا قول المفسرين.
قال : والذي يقع لي : أن الخطاب لرسول الله صلىاللهعليهوسلم ؛ لأن إبراهيم أبوه ، وأمّة
__________________
(١) ذكره الواحدي في الوسيط (٣ / ٢٨٢) ، وابن الجوزي في زاد المسير (٥ / ٤٥٦).
(٢) انظر : تفسير مقاتل (٢ / ٣٩١) ، والوسيط (٣ / ٢٨٢).
(٣) معاني الفراء (٢ / ٢٣١) ، ومعاني الزجاج (٣ / ٤٤٠).
(٤) انظر : الدر المصون (٥ / ١٦٩).
(٥) زاد المسير (٥ / ٤٥٦).
(٦) زيادة من زاد المسير ، الموضع السابق.