قال ابن عباس : قال ذلك الشيطان على لسان رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، ولم يكن لرسول الله صلىاللهعليهوسلم إحساس بذلك (١).
وقال قتادة : كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم عند المقام ، فنعس ، فألقى الشيطان تلك الكلمات على لسانه وهو نائم ، ففرح المشركون بذلك ، وقالوا : قد ذكر آلهتنا بأحسن الذّكر ، فأتاه جبريل فأخبره بما جرى على لسانه ، فاشتد ذلك على رسول الله صلىاللهعليهوسلم وأصحابه ، فأنزل الله تعالى هذه الآية تطييبا لقلبه وإعلاما له أن الأنبياء قد جرى لهم مثل هذا (٢).
وقال ابن عباس وجمهور المفسرين : تمنّى [بمعنى](٣) تلا (٤) ، وأنشدوا :
تمنّى كتاب الله أوّل ليله |
|
تمنّي داود الزبور على رسل (٥) |
__________________
ـ منها الغث والسمين. ثم سرد أحاديث بين زيفها ورد العلماء عليها. ويقول الإمام القرطبي في تفسيره (١٢ / ٨٤) عند قوله تعالى : (وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ) بعد أن سرد بعض الروايات : ومما يدل على ضعفه أيضا وتوهينه من الكتاب قوله تعالى : (وَإِنْ كادُوا لَيَفْتِنُونَكَ) ... الآيتين [الإسراء : ٧٣ ـ ٧٤] ؛ فإنهما تردان الخبر الذي رووه ، لأن الله تعالى ذكر أنهم كادوا يفتنونه حتى يفتري ، وأنه لو لا أن ثبته لكان يركن إليهم. فمضمون هذا ومفهومه أن الله تعالى عصمه في أن يفتري وثبته حتى لم يركن إليهم قليلا فكيف كثيرا؟
إن هذه الأقاويل يجب تنزيه رسول الله صلىاللهعليهوسلم منها ، وقد ثبت بطلان هذه القصة سندا ومتنا.
(١) ذكره الواحدي في الوسيط (٣ / ٢٧٧).
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم (٨ / ٢٥٠٢). وذكره الماوردي (٤ / ٣٥) ، والسيوطي في الدر (٦ / ٦٨) وعزاه لابن أبي حاتم.
(٣) زيادة من ب.
(٤) ذكره ابن الجوزي في زاد المسير (٥ / ٤٤١).
(٥) انظر البيت في : البحر (٦ / ٣٥٣) ، واللسان (مادة : مني) ، والقرطبي (٢ / ٦) ، وزاد المسير ـ