السهو والغلط فقال : تلك الغرانيق العلى ، وإن شفاعتهن لترتجى (١). (٢).
__________________
(١) أخرجه الطبري (١٧ / ١٨٦ ـ ١٨٧). وذكره السيوطي في الدر (٦ / ٦٧) وعزاه لسعيد بن منصور وابن جرير عن محمد بن كعب القرظي ومحمد بن قيس.
(٢) إن هذه القصة والمعروفة بقصة الغرانيق قد ذكرها أكثر المفسرين دون تعليق فقد ذكرها الطبري وابن كثير في تفسيره (٣ / ٢٣٠ ـ ٢٣١) ثم قال : وقد ذكرها محمد بن إسحاق في السيرة بنحو من هذا كلها مرسلات ومنقطعات ، والله أعلم. والذي يتتبع طرق هذه القصة يجد أن جميع طرقها مرسلة أو منقطعة أو معلة أو فيها جهالة ، فالطرق مهما كثرت وكانت ضعيفة لا تزيد الرواية إلا ضعفا. فإن قاعدة تقوية الحديث بكثرة الطرق لا تقبل على إطلاقها وهذا ما حققه الحافظ أبو عمرو ابن الصلاح في مقدمته وغيره من علماء الحديث المحققين. لقد وقف على هذه القصة غير واحد من العلماء المحققين وبينوا زيف وبطلان هذه المرويات التي أوردها بعض المفسرين. فقد ذكر الإمام محمد بن علي بن محمد الشوكاني في تفسيره : (٣ / ٤٦٢) عند قوله تعالى : (وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ إِلَّا إِذا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللهُ ما يُلْقِي الشَّيْطانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللهُ آياتِهِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) [الحج : ٥٢] فقال : ولم يصح شيء من هذا ، ولا ثبت بوجه من الوجوه ، ومع عدم صحته بل بطلانه فقد دفعه المحققون بكتاب الله سبحانه قال تعالى : (وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنا بَعْضَ الْأَقاوِيلِ* لَأَخَذْنا مِنْهُ بِالْيَمِينِ* ثُمَّ لَقَطَعْنا مِنْهُ الْوَتِينَ) [الحاقة : ٤٤ ـ ٤٦] وقوله : (وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى) [النجم : ٣] وقوله : (وَلَوْ لا أَنْ ثَبَّتْناكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلاً) [الإسراء : ٧٤]. قال البزار : هذا حديث لا نعلمه يروى عن النبي صلىاللهعليهوسلم بإسناد متصل. وقال البيهقي : هذه القصة غير ثابتة من جهة النقل ، ثم أخذ يتكلم أن رواة هذه القصة مطعون فيهم. وقال ابن خزيمة : إن هذه القصة من وضع الزنادقة. وصنف في ذلك كتابا. وللقاضي عياض في كتاب الشفاء (٢ / ٧٥٠) كلام حول نقض هذه القصة فيقول : فاعلم أكرمك الله أن لنا في الكلام على مشكل هذا الحديث مأخذين : المأخذ الأول : يكفيك أن هذا الحديث لم يخرجه أحد من أهل الصحة ولا رواه ثقة بسند سليم متصل ، وإنما أولع به وبمثله المفسرون والمؤرخون المولعون بكل غريب ، والمتلقفون من الصحف كل صحيح وسقيم. المأخذ الثاني : فهو مبني على تسليم الحديث لو صح ، وقد أعاذنا الله من صحته ولكن على كل حال فقد أجاب على ذلك أئمة المسلمين بأجوبة ـ